وقد وقفت له على كلام طويل (١) في ذلك رأيت من الرأي القويم أن أميل عنه إلى الصراط المستقيم ، ولا أتتبّعه بالنقض والإبطال ؛ فإنّ دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين ، تقريب المعنى إلى أفهامهم ، وتحقيق مرادهم ، وبيان حكمه ، ورأيت كلام هذا الشخص بالضدّ من ذلك ، فالوجه الإضراب عنه.
وأقول : إنّ التوسّل بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جائز في كلّ حال : قبل خلقه ، وبعد خلقه ، في مدّة حياته في الدنيا ، وبعد موته ، في مدّة البرزخ ، وبعد البعث في عرصات القيامة والجنّة ، وهو على ثلاثة أنواع :
النوع الأوّل : أن يتوسّل به ؛ بمعنى أنّ طالب الحاجة يسأل الله تعالى به ، أو بجاهه ، أو ببركته.
فيجوز ذلك في الأحوال الثلاثة ، وقد ورد في كلّ منها خبر صحيح :
[حديث توسّل آدم عليهالسلام بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم]
أمّا الحالة الاولى : قبل خلقه ، فيدلّ على ذلك آثار عن الأنبياء الماضين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، اقتصرنا منها على ما تبيّن لنا صحّته ؛ وهو ما رواه الحاكم أبو عبد الله بن البيّع في «المستدرك على الصحيحين أو أحدهما» (٢) قال :
__________________
(١) كلام ابن تيمية في الاستغاثة والتوسل.
في مجموع فتاوى ابن تيمية الجزء الأول صفحات عديدة منها (١٤٠ ـ ١٤١) و (٣١٥ ـ ٣٢٢) و (٣٤٢ ـ ٣٤٣) وغيرها ، وله كتاب باسم (التوسل والوسيلة) مطبوع.
(٢) المستدرك على الصحيحين ، للحاكم (٢ / ٦١٥) ، ورواه الآجري في الشريعة (ص ٤٢٧) وانظر ص ٤٢٢ ، ولاحظ الدر المنثور للسيوطي (١ / ٦٠).
وقد ذكر الإمام ابن الصدّيق في الرد المحكم المتين (ص ١٣٨ ـ ١٣٩) شاهداً للحديث ، أخرجه ابن الجوزي في الوفا بفضائل المصطفى كما في فتاوى ابن تيمية (٢ / ١٥٠) نقل ذلك الاستاذ المحمود في رفع المنارة (ص ٧ ـ ٢٤٨).