ب «الشارمساحي» في كتاب «تلخيص محصول المدوّنة من الأحكام» الملقّب ب «نظم الدرّ» في كتاب الجامع في الباب الحادي عشر في السفر : إنّ قصد الانتفاع بالميّت بدعة ، إلّا في زيارة قبر المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبور المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
وهذا الذي ذكره في الانتفاع بقبور المرسلين صحيح ، وكذلك سائر الأنبياء ، وأمّا ما ذكره في غير الأنبياء فسنتكلّم عليه إن شاء الله تعالى في قبور غير الأنبياء.
وأمّا زيارة أهل الجنّة لله تعالى ، فإن صحّ الحديث فيها! فلا ترد على شيء من المعاني التي قالها عبد الحقّ وابن رشد ؛ لأنّها ليست واجبة ، فإنّ الآخرة ليست دار تكليف ، وقد انقطع الإلحاق بزيارة الموتى في توهّم الكراهة.
فقد بان لك بهذا وجه كلام مالك رحمهالله وأنّه :
على جواب القاضي عياض إنّما كره زيارة القبر ، لا زيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى جواب غيره إنما كره اللفظ فقط ، دون المعنى.
وكذلك أكثر ما حكيناه من كلام أصحابه أتوا فيه بمعنى الزيارة ، دون لفظها.
فمن نقل عن مالك «أنّ الحضور عند قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لزيارة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم والسلام عليه والدعاء عنده ـ ليس بقربة» ، فقد كذب عليه.
ومن فهم عنه ذلك فقد أخطأ في فهمه وضلّ ، وحاشا مالكاً وسائر علماء الإسلام ، بل وعوامّهم ممّن وقر الإيمان في قلبه.
[نسبة المنع من الزيارة إلى أهل البيت]
فإن قلت : فقد روى عبد الرزاق في مصنّفه (١) بسنده إلى الحسن بن
__________________
(١) المصنّف لعبد الرزاق (٣ / ٥٧٧) ح ٦٧٢٧. وهو في المصنّف لابن أبي شيبة ـ أيضاً ـ