الحسن بن عليّ : أنّه رأى قوماً عند القبر فنهاهم ، وقال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا تتّخذوا قبري عيداً ، ولا تتّخذوا بيوتكم قبوراً ، وصلّوا عليّ حيث ما كنتم ، فإنّ صلاتكم تبلغني».
قلت : قد روى القاضي إسماعيل في كتاب «فضل الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» بسنده إلى عليّ بن الحسين بن عليّ ـ وهو زين العابدين ـ : أنّ رجلاً كان يأتي كلّ غداة ، فيزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويصلّي عليه ، ويصنع من ذلك ما انتهره عليه عليّ بن الحسين ، فقال له عليّ بن الحسين : ما يحملك على هذا؟
__________________
(٣ / ٢٢٦) كتاب الجنائز باب (١٤٦) ح ٥. عن حسن بن حسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تتّخذوا ...» الحديث.
وأورده الذهبي في ترجمته من سير أعلام النبلاء (٤ / ٤٨٤) رقم (١٨٥) وقال بعد الحديث : هذا مرسل (!). وأضاف الذهبيّ : وما استدل حسن ـ في فتواهُ ـ بطائل من الدلالة.
فمن وقفَ عند الحجرة المقدّسة ذليلاً مسلِّماً مصلّياً على نبيّه ، فيا طوبى له ، فقد أحسن الزيارة ، وأجمل في التذلّل والحبّ ، وقد أتى بعبادةٍ زائدة على من صلّى عليه في أرضه ، أو في صلاته ، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه ، والمصلّي عليه من سائر البلاد له أجر الصلاة فقط. «فمن صلّى عليه واحدة صلّى الله عليه عشراً».
ولكن من زاره ـ صلوات الله عليه ـ وأساء أدب الزيارة!! أو سجد للقبر!!! أو فعل ما لا يشرع!!! فهذا فعل حسناً وسيّئاً ، فيعلّمُ برِفْقٍ ، والله غفورٌ رحيم.
فو الله ما يحصل الانزعاج لمسلمٍ والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء ، إلّا وهو محبٌّ لله ولرسوله ، فحبّهُ المعيار والفارق بين أهل الجنّة وأهل النار.
فزيارة قبره من أفضل القُرب ، وشدّ الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء ـ لئن سلّمنا أنّه غير مأذون فيه ، لعموم قوله صلوات الله عليه : «لا تشدّوا الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد»! ـ فشدّ الرحال إلى نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم مستلزم لشدّ الرحل إلى مسجده ، وذلك مشروعٌ بلا نزاع ، إذ لا وصول إلى حضرته إلّا بعد الدخول إلى مسجده ، فليبدأ بتحيّة المسجد ، ثمّ بتحيّة صاحب المسجد ، رزقنا الله وإيّاكم ذلك ، آمين.