قال : احبّ التسليم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال له عليّ بن الحسين : هل لك أن أحدّثك حديثاً عن أبي؟
قال : نعم.
فقال له عليّ بن الحسين : أخبرني أبي ، عن جدّي أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تجعلوا قبري عيداً ، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، وصلّوا عليّ وسلّموا حيث ما كنتم ، فسيبلغني سلامكم وصلاتكم» (١).
وهذا الأثر يبيّن لنا أنّ ذلك الرجل زاد في الحدّ ، وخرج عن الأمر المسنون ، فيكون كلام عليّ بن الحسين موافقاً لما تقدّم عن مالك ، وليس إنكاراً لأصل الزيارة ، أو يكون أراد تعليمه : أنّ السلام يبلغ من الغيبة ، لمّا رآه يتكلّف الإكثار من الحضور.
وعلى ذلك يحمل ما ورد عن حسن بن حسن وغيره من ذلك.
ولم يذكر هذا الأثر ليحتجّ به ، بل للتأنيس بأمر يحتمل في ذلك الأثر المطلق ، وإبداء وجه من وجوه التأويل.
وكيف يتخيّل في أحد من السلف منعهم من زيارة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم مجمعون على زيارة سائر الموتى؟!
وسنذكر ذلك ، وما ورد من الأحاديث والآثار في زيارتهم.
فالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسائر الأنبياء الذين ورد فيهم أنّهم أحياء ، كيف يقال فيهم هذه المقالة؟!
__________________
(١) فضل الصلاة ... للقاضي إسماعيل (ص ٣٣) ، وقال في الصارم (ص ٢٩٤) قد رواه أبو يعلى الموصلي والحافظ المقدسي في الأحاديث المختارة ، وله شواهد كثيرة. هو خبر محفوظ مشهور.