أو في غيرها ، فإنّه لا يدخل في هذا العموم قطعاً.
وملخّص ما قلناه على طوله : أنّ النهي عن السفر مشروط بأمرين :
أحدهما : أن يكون غايته غير المساجد الثلاثة.
والثاني : أن تكون علّته تعظيم البقعة.
والسفر لزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غايته أحد المساجد الثلاثة ، وعلّته تعظيم ساكن البقعة ، لا البقعة ، فكيف يقال بالنهي عنه؟!
بل أقول : إنّ للسفر المطلوب سببين :
أحدهما : ما يكون غايته أحد المساجد الثلاثة.
والثاني : ما يكون لعبادة وإن كان إلى غيرها.
والسفر لزيارة المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم اجتمع فيه الأمران ، فهو في الدرجة العليا من الطلب ، ودونه ما وجد فيه أحد الأمرين ، وإن كان السفر الذي غايته أحد الأماكن الثلاثة ، لا بدّ في كونه قربة من قصد صالح.
وأمّا السفر لمكان غير الأماكن الثلاثة لتعظيم ذلك المكان ، فهو الذي ورد فيه الحديث ، ولهذا جاء عن بعض التابعين أنّه قال : قلت لابن عمر : إنّي اريد أن آتي الطور.
قال : إنّما تشدّ الرحال إلى ثلاثة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومسجد الأقصى ، ودع الطور فلا تأته.
[محط البحث عند الفقهاء]
وفي مثل هذا الذي تكلّم الفقهاء في شدّ الرحال إلى غير المساجد الثلاثة.
فنقل إمام الحرمين عن شيخه : أنّه كان يفتي بالمنع عن شدّ الرحال إلى غير هذه المساجد ، قال : وربّما كان يقول : يكره ، وربّما كان يقول : يحرم ؛ أخذاً