السلف الصالحين ، التبرّك ببعض الموتى من الصالحين ، فكيف بالأنبياء والمرسلين؟!
ومن ادعى أنّ قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين سواء ، فقد أتى أمراً عظيماً نقطع ببطلانه وخطئه فيه ، وفيه حطّ لدرجة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى درجة من سواه من المسلمين ، وذلك كفر متيقّن ، فإنّ من حطّ رتبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّا يجب له ، فقد كفر.
فإن قال : إنّ هذا ليس بحطّ ، ولكنّه منع من التعظيم فوق ما يجب عليه.
قلت : هذا جهل وسوء أدب ، وقد تقدّم في أوّل الباب الخامس (١) الكلام في ذلك ، ونحن نقطع بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يستحقّ من التعظيم أكثر من هذا المقدار في حياته وبعد موته ، ولا يرتاب في ذلك من كان في قلبه شيء من الإيمان.
وأمّا القسم الثالث : وهو أن يقصد بالزيارة الإشراك بالله تعالى :
فنعوذ بالله منها وممّن يفعلها ، ونحن لا نعتقد في أحد من المسلمين ـ إن شاء الله ـ ذلك.
وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهمّ لا تجعل قبري وثناً يعبد» ودعاؤه صلىاللهعليهوآلهوسلم مستجاب ، وقد أيس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب (٢).
فهذا شيء لا نعتقده إن شاء الله في أحد ممّن يقصد زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأمّا التمسّح بالقبر وتقبيله والسجود عليه ونحو ذلك :
فإنّما يفعله بعض الجهّال ، ومن فعل ذلك ينكر عليه فعله ذلك ، ويعلّم آداب الزيارة ، ولا ينكر عليه أصل الزيارة ، ولا السفر إليها ، بل هو مع ما صدر منه من
__________________
(١) الباب الخامس ص (١٧٩ ـ ٢٠٠).
(٢) لاحظ سنن الترمذي (٤ / ٤٠١) ح ٢١٥٩ كتاب الفتن ، وسنن ابن ماجة (٢ / ١٠١٥) ح ٣٠٥٥ كتاب المناسك ، وسنن النسائي (٦ / ٣٥٣) ح ١١٢١٣ كتاب التفسير ، ومسند أحمد (٢ / ٣٦٨).