لاحقون ، اللهمّ ارزقنا أجرهم ، ولا تفتنّا بعدهم».
والقول في ذلك واسع بقدر ما يحضر منه.
ويدلّ على التسليم على أهل القبور ما جاء من السنّة في التسليم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر مقبورين.
وقد أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قبور شهداء احد ، فسلّم عليهم ، ودعا لهم.
ومن «المجموعة» عن مالك : أنّه سئل عن زيارة القبور؟
فقال : قد كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عنه ، ثمّ أذن فيه ، فلو فعله إنسان ولم يقل إلّا خيراً ، لم أرَ به بأساً ، وليس من عمل الناس.
وروي عنه أنّه كان يضعّف زيارتها.
قال ابن القرظيّ (١) : وإنّما أذن في ذلك ليعتبر بها ، إلّا لقادم من سفر ، وقد مات وليّه في غيبته ، فليدع له وليترحّم عليه ، ويؤتى قبور الشهداء بأُحد ، ويسلّم عليهم ، كما يسلّم على قبره صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى ضجيعيه ، انتهى كلام ابن أبي زيد في «النوادر».
وما وقع في كلام ابن حبيب من قوله : «ولا بأس» قد يوهم أنّه مباح ، ولكن ذلك لا ينافي كونه سنّة ، ولعلّ زيارة القبور عنده من قبيل عيادة المرضى ونحوها من القربات التي لم توضع بأصلها عبادة ؛ على ما سيأتي عند الكلام في نذر الزيارة.
وإذا اريد هذا المعنى فلا يبعد الموافقة عليه ، فإنّ زيارة الموتى كزيارة الأحياء ، وزيارة الأحياء لا يقول : بأنّها وضعت عبادة ، بل تفعل على قصد التقرّب تارة ، فيثاب عليها ، وعلى غير قصد التقرب تارة ، فلا يثاب ، وتكون إمّا مباحة ، أو غير مباحة بحسب قصده ، وهكذا زيارة القبور.
__________________
(١)
في (ه) : القرطبي.