والذي نقله الإمام الرافعيّ والنوويّ في غير «شرح مسلم» عن الشيخ أبي محمّد رحمهالله ليس فيه هذه الزيادة ، بل فيه ما يبيّن أنّ مراده ما قدّمناه.
فإنّ الإمام قال : إذا نذر أن يأتي مسجداً من المساجد سوى المسجد الحرام ، قال العلماء : فإن كان المسجد الذي عيّنه غير مسجد المدينة ومسجد القدس ، فلا يلزم بالنذر شيء أصلاً ، فإنّه ليس في قصد مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة قربة مقصودة ، وما لا يكون قربة ولا عبادة مقصودة فهو غير ملزم بالنذر ، وكان شيخي يفتي بالمنع عن شدّ الرحال إلى غير هذه المساجد ... وذكر ما قدّمناه.
وكذلك الرافعيّ قال : إذا نذر إتيان مسجد آخر سوى الثلاثة لم ينعقد نذره ، قال الإمام وكان شيخي يفتي ... وذكر ما تقدّم.
وكذلك النوويّ في «شرح المهذّب» (١) وكذلك في «شرح مسلم» في باب فضل المساجد الثلاثة ، كلامه مشعر بما قلناه.
ومع ذلك قال : إنّ ما قاله الشيخ أبو محمّد غلط.
ففي كلام كلّ من الإمام والرافعيّ والنوويّ ـ في غير «شرح مسلم» وفي «شرح مسلم» في غير هذا الباب ـ ما يبيّن أنّ فرض المسألة في قصد المساجد ، فيحمل كلام أبي محمّد عليه.
أمّا قصد الأغراض الصحيحة في المساجد وغيرها من الأمكنة ـ من الزيارة ، والاشتغال والجهاد ، وغيرها ـ فلم يتكلّم فيه أبو محمّد ، ولا يجوز أن ينسب إليه المنع منه ، ولو قاله هو أو غيره ممّن يقبل كلامه الغلط لحكمنا بغلطه ، وأنّه لم يفهم مقصود الحديث ، لكنّه بحمد الله لم يثبت عندنا أنّه قال ذلك ، ولا نقله عنه أحد غير ما وقع في «شرح مسلم» من التمثيل على سبيل السهو والغفلة ، ولهذا أجللنا
__________________
(١) المجموع شرح المهذب للنووي (٨ / ٤٧٧) وانظر نذر الصلاة في (٦ / ٤٨٨) وانظر (٨ / ٤٧٣) و (٨ / ٤٧٥).