أي لفظت ، إلى ظهرها ، ما فيها من مدافن الأموات والمكنون إلى ظهرها. والاستعارة الأخرى قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٤) والمراد بذلك ما يظهر فيها من دلائل انقطاع أحوال الدنيا ، وإقبال أشراط الاخرة ، فيكون ما يظهره الله تعالى فيها من ذلك ، قائما مقام الأخبار ، ونائبا عن النطق باللسان ؛ وهذا ، كما جاء في قول من قال : «سل الأرض من شقّ أنهارك ، وغرس أشجارك وجنى ثمارك ، فإن لم تجبك حوارا ، أجابتك اعتبارا». فكأنّ الأرض تحدّث من يسأل عن أمرها ، بأنّ الله تعالى أوحى لها بأن تكون على تلك الصفة التي ظهرت منها ، ومعنى (أَوْحى لَها) أي أوحى إلى ملائكته عليهمالسلام ، بأن يظهروا فيها تلك الأشراط ، ويحدّثوا بها تلك الأعلام ، فلذلك قال : (أَوْحى لَها) ولو كان الوحي خاصة لها ، لكان الوجه أن يقال «أوحى إليها» ، وقد قال بعضهم (أَوْحى لَها) «وأوحى إليها» بمعنى واحد ، والاعتماد على القول الذي قدّمناه ، لأنّ الوحي يتضمّن أوامر ومخاطبات ، ولا يجوز أن يؤمر ولا يخاطب ، إلّا العاقل المميّز ، والمجيب السامع ، وليس الوحي إلى الأرض جاريا مجرى الوحي إلى النحل ، في قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [النحل : ٦٨] ، لأنّ المراد عندنا بذلك ، أنّه سبحانه ألهمها ما أراد منها ، وهي ما يصحّ فيه ، ذلك لأنّها حيوان متصرّف ، والأرض لا يصحّ فيها ذلك ، لأنّها جماد خامد.