(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٣) أي ما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته. ويردّ على قوله : و «الجملتان الأخريان لنفي العبادة في الماضي» أنّ اسم الفاعل المنوّن ، العامل عمل الفعل ، لا يكون إلا بمعنى الحال أو الاستقبال ، و «عابد» ، هنا ، عامل في «ما» وكذلك عابدون ، وجوابه أنّه على الحكاية ، كما قال تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ٨] فإن قيل : لم لم يقل تعالى : ولا أنتم عابدون ما عبدت ، بلفظ الماضي ، كما قال سبحانه : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (٤)؟
قلنا : لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل بعثه (ص) وهو ما كان يعبد الله تعالى قبل بعثه بل بعد بعثه. ويرد على هذا التقدير : أن أعظم العبادة التوحيد ، وكلّ الأنبياء كانوا موحّدين بعقولهم قبل البعثة. وقال بعض العلماء : إنّما جاء الكلام مكرّرا لأنه ورد جوابا لسؤالهم مناوبة ، وكان سؤالهم مكررا ، فإنهم قالوا : يا محمد تعبد آلهتنا كذا مدة ، ونعبد إلهك كذا مدة ، ثم تعبد آلهتنا كذا مدة ، ونعبد إلهك كذا مدة ، فورد الجواب مكرّرا ليطابق السؤال ، وهذا قول حسن لطيف.