النَّاسِ) (١) ألجأ وأتحصّن بالله خالق الخلق ، والمتفضل عليهم بالنعم والجود.
[الآية ٢] : (مَلِكِ النَّاسِ) (٢) : فهو ملكهم وآخذ ناصيتهم بيده ، وهو الخالق الرازق ، مرسل الرسل ، ومنزل الشرائع ، والحاكم المتصرّف ، الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون.
[الآية ٣] : (إِلهِ النَّاسِ) (٣) هو معبودهم بحقّ ، وملاذهم إذا ضاق الأمر.
[الآية ٤] : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) (٤) : أصل الوسوسة الصوت الخفيّ ، وقد قيل لأصوات الحلي عند الحركة وسوسة ، و (الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) (٤) هو الشيطان الموسوس ، الذي يوحي بالشر ، ويهمس بالإثم ، والخنوس : الاختفاء والرّجوع. والخنّاس هو الذي من طبعه كثرة الخنوس. أي نعوذ بالله من وسوسة الشيطان ، الذي يغري بالمعاصي والمفاسد ، ويلقي بالشرور في قلوب الغافلين ، ويغري بانتهاك الحرمات من طريق الشهوات.
[الآية ٥] : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) (٥) أي يجول في الصدور ، ويجري من ابن آدم مجرى الدم ؛ وخصّ الصدور بالوسوسة ، لأنّها محلّ القلوب ؛ والقلوب مجال الخواطر والهواجس ؛ وإنّ ذلك الشيطان الذي يجثم على قلب ابن آدم ويتسلّط عليه ، إذا أصابته الغفلة ، هو من الضعف بمكان ، فإذا ذكرت الله خنس ورجع ، وإذا حكّمت عقلك وانتصرت للحق ، ضعف كيد الشيطان ، قال تعالى : (وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) (٦٧) [النساء]. و (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢٠١) [الأعراف]. (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٠٠) [النحل].
[الآية ٦] : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٦) هذا الوسواس الذي يغري بالشر قسمان : القسم الأول : الجنّة الخفيّة تخطر للإنسان في صورة خواطر ، توعز بالشرّ وتغري بالإثم ، وتزيّن الخطيئة.
والقسم الثاني : النّاس الذين يندسّون في الصدور اندساس الجنّة ، ويوسوسون وسوسة الشيطان ، ومنهم