من جنّهم وإنسهم ، فسمّى الجنّ ناسا ، كما سمّاهم نفرا ورجالا ، في قوله تعالى : (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ١] ، وقوله تعالى : (يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) [الجن : ٦] فهو استعاذة بالله ، من شرّ الوسواس ، الذي يوسوس في صدور الجنّ ، كما يوسوس في صدور الإنس ، وهو اختيار الفرّاء ؛ والمراد من الجنّة هنا الشياطين من الجنّ على الوجه الأول ، ومطلق الجن على الوجه الثاني ؛ لأن الشيطان منهم ، هو الذي يوسوس لا غيره ، ومطلقهم يوسوس إليه. واختار الزّمخشري الوجه الأول ، وقال : ما أحقّ أن اسم الناس ينطلق على الجن ، لأنّ الجنّ سمّوا جنّا لاجتنانهم : أي لاستتارهم ، والنّاس سمّوا أناسا لظهورهم من الإيناس وهو الإبصار ؛ كما سمّوا بشرا لظهورهم من البشرة ؛ ولو صحّ هذا الإطلاق ، لم يكن هذا المجمل مناسبا لفصاحة القرآن. قال : وأجود منه أن يراد «بالناس» الأول الناسي كقوله تعالى : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) [القمر : ٦].