ولم يحصل ذلك الشرط؟ ونحن نعلم أنّ الإرادة في الآية أعلاه مطلقة ، وليست مشروطة بشرط أبداً.
وما قاله البعض : إنّ هذا الكلام يستدعي أن يكون صحابة النبي صلىاللهعليهوآله معصومين لاسيّما الذين شاركوا في معركة بدر ، حيث قال تعالى بحقهم :
(وَلَكِن يُريدُ لِيُطَهِّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكُم لَعَلَّكُم تَشْكُرونَ) (١). (المائدة / ٦)
وممّا يبعث على الأسف هو عند اضطرام نار التعصب فإنّها تلتهم كل شيء وتحوِّله إلى رماد ، وبالأساس فإننا نفتقد في القرآن الكريم مثل هذه الآية بشأن معركة بدر ، وما نزل بشأن معركة بدر هو : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيطَانِ). (الانفال / ١١)
وظاهر هذه الآية تتعلق بنزول المطر (في معركة بدر) واستثمار المسلمين له للغسل والوضوء ، ولا ترتبط ببحثنا أبداً ، إلّاأنّ هذا الأخ المتعصب حذف مطلع الآية وجاء بعبارة «ليطهركم» فقط ، وعدّها دليلاً على طهارة وقداسة الصحابة كافّة.
وبالطبع فإنّ عبارة : (وَلَكِن يُريدُ لِيُطَهَّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعمَتَهُ عَلَيكُم لَعَلَّكم تَشكُرُونَ) لم تأتِ بشأن أصحاب بدر ، بل جاءت في ذيل آية الوضوء والغسل والتيمم ، وواضح أنّها تشير إلى الطهارة التي تحصل من هذه المطهرات الثلاثة ، فكيف يصادرها هذا المفسر الشهير من هناك ويذهب بها إلى ميدان بدر ، ويصادر أمراً يخص الغسل والتيمم ويقحمه في موضوع بحث العصمة؟ إنّه أمرٌ غامض.
ويثار هنا سؤال آخر وهو : إذا كانت الآية دليلاً على عصمة هؤلاء العظماء ، فلماذا جاءت «يريد» بصيغة «الفعل المضارع» إذن؟
فإن كانوا معصومين فلماذا يقول : «يريد الله» فهل أنّ تحصيل الحاصل ممكن؟ لماذا لم يقل «أراد الله بصيغة الفعل الماضي»؟ (٢).
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٢٢ ، ص ١٧ ، (ذيل الآية ٣٣ من سورة الأحزاب).
(٢) تفسير روح المعاني ، ج ٢٢ ، ص ١٧.