يقول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام في الخطبة ٢١٦ من نهج البلاغة : «إنّي لستُ في نفسي بفوق أن اخطيء ولا آمن ذلك من فعلي إلّاأن يكفي الله من نفسي ما هو أملك بي منّي» (١).
ويثار نظير هذا الاعتراض بشأن الكثير من الآيات المتعلقة بقصص الأنبياء في القرآن الكريم أيضاً ، حيث ذكرناها جميعا في نفس الجزء السابع تحت عنوان «تنزيه الأنبياء» ، وأعطينا الجواب عنها ، وتعقَّبنا هذه القضايا من خلال الإشارة إلى جزئيات تاريخ الأنبياء وما يمكن أن يتعرض إلى هذه الشبهات.
ولابدّ من الإشارة إلى بعض النقاط بشكل مختصر :
١ ـ في الكثير من الحالات كان الأئمّة عليهمالسلام يتحدثون لتعليم الناس باعتبارهم الاسوة ، وأنّ أقوالهم كانت تحمل طابعاً تعليمياً ، واللطيف أنّ تفسير روح المعاني وبعد إثارة هذا الاعتراض بشأن علي عليهالسلام يأتي بهذا الجواب ، ثم يقول : وقصد الكلام كما في بعض الأدعية النبوية بعيد (٢) فلماذا لا يكون مستبعداً في كلام النبي صلىاللهعليهوآله بينما يستبعد في كلام علي عليهالسلام. إنّ هذا لا يدل إلّاعلى تعصب هذا المفسر المعروف.
٢ ـ كان الغرض في بعض الحالات هو أنّهم عليهمالسلام يريدون أن يقولوا : إنّنا لا نملك شيئاً بدون الاعتماد على اللطف الإلهي ، وهذه هي عطاياه ومواهبه وفيوضاته التي تجعلنا معصومين ، وبتعبير آخر : إنّ ما نقل عن علي عليهالسلام في العبارة يعاكس ما يقوله المشككون تماماً فهو يدل على عصمته بالاعتماد على الألطاف الإلهيّة ، فالإمام يقول : لست معصوماً عن الخطأ «بدون اللطف الإلهي» ، وهذه الموهبة ليست سوى لطف إلهي ، أو وفقاً للتعبير الذي ورد في سورة يوسف ليس إلّا.
٣ ـ في الكثير من الامور التي وردت في الآيات أو الأدعية باعتبارها ذنباً ، فهي ليست سوى ترك الأولى ، ومصداق للقول المعروف : «حسنات الأبرار سيئات المقربين».
__________________
(١) يصرُ الآلوسي في تفسيره ، ذيل آية التطهير اصراراً عجيباً في انكار أنّ مفهوم الآية يتعلق بعصمة أهل البيت عليهمالسلام ويثير هذه الشُبهة (تفسير روح المعاني ، ج ٢٢ ، ص ١٧).
(٢) تفسير روح المعاني ، ج ٢٢ ، ص ١٨.