٥ ـ ونقرأ في تاريخه عليهالسلام أيضاً أنّه وأثناء مروره قرب الكوفه جاءه قوم من اليهود ، وقالوا : «أنت علي بن أبي طالب الإمام؟ فقال : أناذا ، قالوا : لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستة من الأنبياء ، وهو ذا نطلب الصخرة فلا نجدها فإنّ كنت إماماً أوجدنا الصخرة .... فسار القوم خلف أمير المؤمنين عليهالسلام إلى أنّ استبطن فيهم البر فاذا بجبل من رمل عظيم فقال عليهالسلام : أيّتها الريح انسفي الرمل عن الصخرة بحق اسم الله الأعظم فما كان إلّاساعة حتى نسفت الرمل وظهرت الصخرة» (١)
وهذا نموذج آخر من النفوذ والتأثير على عالم التكوين.
وقد وردت نماذج اخرى في الكثير من كتب التاريخ والتفسير ، والحديث ، ومختلف المصادر الإسلامية للشيعة والسنّة ، حيث يحتاج ذكرها كلها إلى تدوين كتاب مستقل.
إنّ هذه الآيات والروايات تؤكّد أنّ أولياء الله سواء من الأنبياء أو الأئمّة المعصومين عليهمالسلام كانوا يتمتعون بقدرة بأمر الله وإذنه ، بحيث كانوا يستطيعون التصرف في عالم التكوين من خلال ما وهبهم الله تعالى من إذن في حالاتٍ معينةٍ ، وهذا ما نُعبر عنه بالولاية التكوينية.
وبطبيعة الحال ، فإنَّ الولاية التكوينية لها تفرعات اخرى أيضاً ، منها التأثير في القلوب المستعدة لقبول الحق عن طريق الألطاف المعنوية والروحية ، وتربية وهداية النفوس المؤهلة من خلال التأثير الروحي فيها ، حيث تتوفر أمثلة كثيرة لذلك في التاريخ الإسلامي.
وغالباً ماكان يحصل لكثير من الأشخاص تحولٌ وتغيرٌ مفاجيءٌ ، بنحوٍ لا ينسجم مع الموازين والمعايير الطبيعية ، وذلك بمجرّد وجودهم في محضر رسول الله صلىاللهعليهوآله أو الإمام المعصوم عليهالسلام ، وبالتالي يستقيم سلوكهم في الحياة على أثره.
إنّ هذا التحول والتغير المفاجىء والخارق للعادة يحصل أيضاً نتيجة لـ «الولاية التكوينية» والتاثير في النفوس المؤهلة.
* * *
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٤١ ص ٢٣٧ (مع الاختصار).