وهنا ذكر الناطق بهذا الكلام كلمة «الناس» التي تفيد الجمع بينما جاء في التاريخ أنّ القائل ليس سوى «نعيم بن مسعود».
وجاء أيضاً بشأن نزول الآية : (فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ...). (المائدة / ٥٢)
إذ نعلم هنا أنّها نزلت بشأن «عبد الله بن أبي» ، والحال أنّ الضمائر هنا جاءت بصيغة الجمع.
كما أنّ الخطاب في الآية الاولى من سورة الممتحنة عامٌ بينما نزلت بشأن رجل يدعى «حاطب بن أبي بلتعة» ، وفي الآية التالية جاء الضمير بصيغة الجمع أيضاً : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَّجَعنا إِلَى المَدِينَة ...) بينما كان القائل هو «عبد الله بن أُبى. (المنافقون / ٨)
وكذلك في الآية : (الَّذِينَ يُنِفقُونَ امَوَالَهُمْ بِالَّليلِ وَالنَّهَارِ). (البقرة / ٢٧٤)
التي نزلت في حق علي عليهالسلام طبقاً للكثير من الروايات ، بينما ضمائرها جميعاً جاءت بصيغة الجميع.
وجاءت الآية ٢١٥ من سورة البقرة المتعلقة بالسؤال عن الأشياء التي يجب أن ينفقوها : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ) بصيغة الجمع بينما كان السائل هو شخص يدعى «عمرو بن الجموح» (١).
ولكن ما السبب في أن يأتي الكلام بصيغة الجمع في هذه الحالات مع أنّ المراد شخص واحد؟ ربّما يكون سببه في بعض الحالات ، الاحترام ، وفي بعضها إشارة إلى مؤازرة الآخرين لذلك الشخص ، وبالتمعّن في الحالات أعلاه يمكن تمييز حالات الاحترام عن حالات المؤازرة.
فضلاً عن كل ذلك فنحن نعلم أنّ ضمير الجمع «المتكلم مع الغير» قد استخدم في آيات القرآن في حالات لا حصر لها أثناء حديث الله عن نفسه ، مع أنّ ذاته المقدّسة لا نظير لها في الوحدانية والتفرد ، وهو «أحد واحد» من جميع الجوانب ، وهذا مرده إلى أنّ العظيم يمتلك جنوداً مطيعين وممثلين لأوامره في أداء ما يشاء ، وهذا يؤدّي إلى استخدام ضمير الجمع مع
__________________
(١) للمزيد من الاطلاع على مصادر هذه الروايات ، يراجع التفسير الأمثل ، ذيل الآية ٢١٥ من سورة البقرة.