كونه مفرداً ، وبتعبير آخر أنّ ضمير الجمع هذا دليلٌ على عظمته وسمو مقامه.
٣ ـ الشبهة الثانيه هي أنّ من المُسلَّم به أنّ علياً عليهالسلام لم تكن له ولاية بمعنى الحكم وقيادة المسلمين في عصر النبي صلىاللهعليهوآله ، فكيف يتعين تفسير الآية هكذا؟ الجواب عن هذا السؤال واضح ، فكثيراً ما شاهدنا خلال التعابير اليومية بأنّ يطلق اسم أو عنوان على أشخاص مرشحين أو منتخبين لذلك المنصب وإن لم يمارسوا العمل به بعد ، أو بتعبير آخر : إنّهم يتمتعون بذلك المقام بالقوة لا بالفعل.
فمثلاً يقوم إنسان في حياته بتعيين شخص ما «وصياً» له ، وبالرغم من كونه حياً فإننانقول : إنّ فلاناً وصيّه أو القيِّم على أطفاله.
فإطلاق الوصي والخليفة على علي عليهالسلام في عهد النبي صلىاللهعليهوآله كان من هذا القبيل أيضاً ، حيث اختاره النبي صلىاللهعليهوآله في حياته لهذا الأمر بإذنٍ من الله ، وأثبت له الخلافة بعد رحيله.
ويلاحظ هذا المعنى أيضاً في الآية الكريمة إذ يطلب زكريا من الله تعالى : (هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً). (مريم / ٥)
واستجاب الله له ووهبه يحيى ، ومن المسلم به أنّ يحيى لم يكن خليفته ووليه ووارثه في حياته ، بل عُيّنَ لما بعد حياته.
ويشاهد نظير هذا الكلام في واقعة «يوم الانذار» (اليوم الذي جمع به النبي صلىاللهعليهوآله أقرباءَه ليدعوهم إلى الإسلام للمرة الاولى) ، فطبقاً لما ذكره «المؤرخون» الإسلاميون سواء من السنّة أو الشيعة ، أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أومأ إلى علي صلىاللهعليهوآله في ذلك اليوم وقال :
«إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوه» (١).
فهل يتسبب التعبير أعلاه في خلق مشكلة في عهد النبي صلىاللهعليهوآله؟
فلا شكّ في أنّ الجواب سيكون بالنفي ، فالتعبير بالولي في آية البحث هو كما أشرنا إليه. أمّا شبهات الفريق الثاني (التبريرات) فهي عديدة أيضاً منها :
١ ـ قولهم : أي زكاة واجبة كانت متعلقة بذمة علي عليهالسلام وهو الذي لم يكن يجمع لنفسه
__________________
(١) روى هذا الحديث الكثير من علماء السنّة مثل ، ابن أبي جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي والثعلبي والطبري ، وأورد ابن الأثير هذا الكلام في ج ٢ من كتاب الكامل ، وكذلك «أبو الفداء» في الجزء الأول من تاريخه ، وجماعة آخرون (للمزيد من الاطلاع انتظروا البحوث الآتية).