من مال الدنيا أي شيء؟ وإذا كان المراد الصدقة المستحبة فلا يقال لها زكاة؟
الجواب : أولاً : إنّ موارد إطلاق الزكاة في القرآن الكريم على الزكاة المستحبة كثيرة ، فكثيراً ماورد في العديد من السور المكية اسم «الزكاة» والمراد منها الزكاة المستحبة ، إذ إنّ وجوبها كان بعد هجرة النبي صلىاللهعليهوآله إلى المدينة.
والآيات ٣ من سورة النمل ، و ٣٩ من سورة هود ، و ٤ من سورة لقمان من جملة الموارد التي جاءت فيها كلمة الزكاة ، ونظراً لكون هذه السور مكية فإنّ المراد هو الزكاة المستحبة.
ثانياً : صحيح أنّ علياً عليهالسلام لم يدخر من مال الدنيا إلّاأنّه كانت تأتيه حصة من بيت المال ، ومن المتيقن أنّه كان يمتلك وارداً بسيطاً من مجهوده أيضاً ، وأنّ الخاتم المذكور من الفضة والظاهر أنّه كان رخيصاً ، على هذا الأساس فإنّ تعلق هذا القدر من الزكاة البسيطة به عليهالسلام ليس مستبعداً أبداً ، وأنّ المبالغة بما قالوه بشأن قيمة ذلك الخاتم لا أساس لها من الصحة على الاطلاق.
ثالثاً : ألا يتعارض الانتباه إلى السائل مع حضور القلب في الصلاة والاستغراق في مناجاة الخالق جل وعلا مع القول السائد عنه : (حتى عرف بأنّ نصلاً وقع في رجله فأخرجوه أثناء الصلاة ولم يُحسّ) (١) فكيف يتسنى له الانتباه إلى السائل أثناء الصلاة؟!
الجواب : إنّ الذي يورد هذا الإشكال غافل عن سماع صوت السائل ومساعدته فما قام به عليٌّ عليهالسلام لا يعتبر توجها إلى غير الله ، أو إلى الذات أو الامور الدنيوية ، بل إنّه في واقع الأمر توجّه إلى الله.
فقد كان القلب المقدس لعلي عليهالسلام يشعر بالسائلين ، ويستجيب لندائهم فقد مزج عمله العبادي هذا بعبادة اخرى ، وتصدق أثناء الصلاة ، وكلاهما كان لله وفي سبيله.
ومثل هذا الإشكال في الحقيقة إشكال على القرآن الكريم ، لأنّ الله تعالى قد امتدح في هذه الآية اعطاء الزكاة أثناء الركوع ، ولو كان هذا العمل دليلاً على الغفلة عن ذكر الله فلا ينبغي أن يستند إليها كصفة سامية وفائقة الأهميّة.
__________________
(١) نص الرواية هكذا ، روي أنّه وقع نصلٌ في رجله فلم يُتَمكن من اخراجه فقالت فاطمة عليهاالسلام أخرجوه في حال صلاته فإنّه لا يحسّ بما يجري عليه حينئذٍ فأُخرج وهو في صلاته (المحجة البيضاء ، ج ١ ، ص ٣٩٨ ـ احقاق الحق ، ج ٢ ، ص ٤١٤).