فلماذا ولأي سبب تفسر آية البحث خلافاً لجميع حالات استعمال القرآن والمفهوم اللغوي لهذه الكلمة؟ هل هنالك دافع غير ماأشير إليه آنفاً؟!
الجدير بالاهتمام أنّ الكثير من أرباب اللغة قد صرحوا بأنّ القربى ، أو ذي القربى تعني قرابة النسب ، فيقول صاحب مقاييس اللغة : فلان ذو قربتي ، هو من يقرب منك رحماً ، ثم يضيف : «القربى والقرابة» أي أنّ كلاهما بمعنى واحد وجاء في لسان العرب ، «والقرابة والقربى : الدنو في النسب».
٢ ـ وقال البعض الآخر : إنّ المقصود هو ايها المسلمون أحبّوا قرباكم كأجر للرسالة ، والحال أنّ مودّة قرباهم لا علاقة لها بالرسالة.
عجبٌ ، كيف تُتْرك محبّة قربى رسول الله صلىاللهعليهوآله التي هي انسب معنى هنا ، وتطرح مودة قرباهم على أنّها أجر الرسالة؟!
٣ ـ وقال بعض من المفسرين : إنّ المقصود هو احفظوا قرابتي منكم كأجر للرسالة ، وحيث إنّ لي قرابة سببية أو نسبية مع الكثير من قبائلكم فلا تؤذوني.
إنّ هذا التفسير هو اسوء تفسير لهذه الآية ، لأنّ أجر الرسالة مطلوب من الذين تقبلوا رسالته فقط ، ولا يعني أولئك الذين يؤذون النبي صلىاللهعليهوآله ، وأمّا إذا كان المراد أعداؤه الذين يؤذونه ، فأولئك لم يتقبلوا رسالته أبداً ، ناهيك عن أجرهم واحسانهم! فكيف يمكن أن يقول إنّ أجري أن لا تؤذوني لقرابتي منكم.
النقطة الأساسية فيما يخص الآية هي أنّ القرآن الكريم ـ من ناحية ـ ينقل عن الكثير من الأنبياء أنّهم كانوا يقولون بصريح القول (وَمَا أَسْأَلُكُم عَلَيهِ مِنْ أَجرٍ انْ أَجرِىَ إلَّاعَلَى رَبِّ العَالَمِينَ) (١).
ومن ناحية اخرى تقول آية البحث فيما يتعلق بالنبي صلىاللهعليهوآله : (قُلْ لَااسأَلُكُمْ عَليهِ أَجْراً إِلَّا المَوَدّةَ فىِ القُربَى).
ومن ناحية ثالثة : نقرأ بشأن النبي صلىاللهعليهوآله في الآية : (قُلْ مَا أَسأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجرِ إلَّامَنْ
__________________
(١) بالتسلسل ، الآية ١٠٩ و ١٢٧ و ١٤٥ و ١٦٤ و ١٨٠ من سورة الشعراء.