منزلتهم ، يقول تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ويَخَافُونَ يَومًا كَانَ شَرُّهُ مُستَطِيراً* ويُطعِمُونَ الطَّعامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَاسِيراً* انَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللهِ لَانُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً* انَّا نَخَافُ مِنْ رَّبِّنا يَوماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً). (الإنسان / ٧ ـ ١٠)
أمّا شأن نزول هذه الآية : فيروي الزمخشري في تفسيره المعروف «الكشاف» عن ابن عباس : «إنّ الحسن والحسين عليهماالسلام مرضا فعادهما رسول الله صلىاللهعليهوآله في ناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن ، لو نذرت على ولدك ، فنذر علي وفاطمة وفضة إن بَرِئا ممّا بهما : أن يصوموا ثلاثة أيّام فشفيا وما معهم شيء فاستقرض علي عليهالسلام ثلاثة أصوع شعير فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : «السلام عليكم (١) أهل بيت محمّد» مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّاالماء ، وأصبحوا صياماً فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم سائل يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ؛ فلما أصبحوا أخذ علي عليهالسلام بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما أبصرهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال : ما أشد ما يسوءني ما آرى بكم ، وقام فانطلق معهم فراى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك ، فنزل جبريل وقال : خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة» (٢). ويروي القرطبي هذا المعنى باختلاف قليل في تفسيره في ذيل آيات البحث ، وينقل أيضاً شعراً عن السائلين وعن سيدة الإسلام في هذا المجال (٣).
ونقل «الفخر الرازي» أيضاً في تفسيره نفس هذه القصة عن الواحدي في كتاب «الوسيط» ، والزمخشري في الكشاف ، ولكنه يضيف في ذيلها : إنّ عبارة «إنّ الأبرار يشربون ...» جاءت بصيغة الجمع ، وأنّها تشمل الأبرار جميعاً ، ولا يمكن حصرها بشخص
__________________
(١) جاء نذر الحسن والحسين عليهماالسلام في رواية الجعفي طبقاً لنقل تفسير القرطبي (تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٩٢٢).
(٢) تفسير الكشاف ، ج ٤ ، ص ٦٧٠ (ذيل آيات هذه السورة).
(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٩٢٢.