إذ قال له «المأمون» : يا اسحاق أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله رسوله؟
قال اسحاق : الإخلاص بالشهادة ، قال المأمون : أليس السبق إلى الإسلام؟ قال اسحاق : نعم ، قال المأمون : فهل علمت أحداً سبق علياً إلى الإسلام؟ قال اسحاق : إنّ علياً أسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم ، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم ... فقال المأمون : أخبرني عن إسلام علي حين أسلم؟ فهل يخلو رسول الله صلىاللهعليهوآله حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلف ذلك من نفسه؟ ثم قال : يا اسحاق لا تنسب رسول الله إلى التكلف فإنّ الله يقول : «وما أنا من المتكلفين» ، قال اسحاق : دعاه بأمر الله ، قال المأمون : فهل من صفة الجبار جلّ ذكره أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم قد تكلّف رسول الله صلىاللهعليهوآله من دعاء الصبيان ما لا يطيقون ... أترى هذا جائزاً عندك أن تنسبه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قال اسحاق : أعوذ بالله (١).
ويضيف المرحوم العلّامة الأميني رحمهالله) بعد نقله هذا الحديث من «العقد الفريد» : قال أبو جعفر الاسكافي المعتزلي المتوفي سنة ٢٤٠ في رسالته : قد روى الناس كافة افتخار علي عليهالسلام بالسبق إلى الإسلام وأنّ النبي صلىاللهعليهوآله استنبئ يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ، وأنّه كان يقول : صليت قبل الناس سبع سنين وأنّه مازال يقول : أنا أول مَن أسلم ويفتخر بذلك ويفتخر له به أولياؤه ، وما دحوه ، وشيعته في عصره ، وبعد وفاته ، والأمر في ذلك أشهر من كل شهير ، وقد قدمنا منه طرفاً وما علمنا أحداً من الناس فيما خلا استخف بإسلام علي عليهالسلام ، ولا تهاون به ، ولا زعم أنّه أسلم إسلام حدث غرير وطفل صغير ، ومن العجب أن يكون مثل العباس وحمزة ينتظران أبا طالب وفعله ليصدوا عن رأيه ، ثم يخالفه علي ابنه لغير رغبة ولا رهبة يؤثر القلة على الكثرة (٢).
وخلاصة الحديث توضح من خلال النقاط التالية :
أولاً : إنّ رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله قَبِل إسلام علي عليهالسلام ، ومَن لم يقرّ بإسلامه في ذلك السن ،
__________________
(١) العقد الفريد ، ج ٣ ، ص ٤٣ ، بشكل مختصر.
(٢) الغدير ، ج ٣ ، ص ٢٣٧.