فانه في الواقع إنّما يُشكل على الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله.
ثانياً : من خلال الروايات المشهورة التي تمت الإشارة إليها آنفاً ورد في قصة يوم الدار أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله اعدَّ طعاماً ودعا عشيرته الأقربين من قريش لتناول الطعام ودعاهم للاسلام وأنَّ : أول من يلبي دعوته صلىاللهعليهوآله في الدفاع عن الإسلام سيكون أخاه ووصيه ، فلم يلب أحد دعوته صلىاللهعليهوآله سوى علي بن أبي طالب ، حيث قال عليهالسلام : «أنا أعينك وابايعك» فقال صلىاللهعليهوآله : «أنت أخي ووصي وخليفتي من بعدي» (١).
فهل يصدّق احد أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله يتخذ ـ من لم يبلغ في ذلك اليوم سن البلوغ ، ولم يكن إسلامه مقبولاً أيضاً حسب قول المرجفين ـ أخاً ووصياً وخليفة له من بعده ويدعو الآخرين لمؤازرته إلى أن يصل الأمر ليقول رؤوس الشرك لابي طالب مستهزئين : يجب أن تسمع لابنك وتؤازره.
إنّ سن البلوغ ليس شرطاً في صحة الإسلام بدون أدنى شك ، فكل صبي مميز عاقل بما فيه الكفاية يؤمن بالإسلام على فرض عدم إسلام أبيه ، يفصل عن أبيه ويحتسب في زمرة المسلمين.
ثالثاً : يستفاد من القرآن الكريم أنّ البلوغ ليس شرطاً حتى في النبوة ، وأنّ بعض الأنبياء بلغوا هذا المقام في سن الطفولة ، كما يقول تعالى بخصوص النبي يحيى (وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبيّاً). (مريم / ١٢)
وقد جاء كذلك في قصة عيسى عليهالسلام أنّه قال بصريح الكلام حين طفولته : (انّىِ عَبدُ اللهِ آتَانِىَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً). (مريم / ٣٠)
وأكثر من هذه الامور جميعاً أنّ رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله قَبِلَ علياً عليهالسلام حتى أنّه اتخذه في يوم الدار أخاً ووصياً ووزيراً وخليفة له من بعده.
وعلى أيّة حال فإنّ الروايات التي تقول إنّ علياً عليهالسلام هو أول مَن قَبِلَ دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله تعد فضيلة لا مثيل لها للإمام لا يساويه فيها أحد ، ولهذا السبب فإنّه أفضل الامّة لخلافة الرسول صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) تفسير در المنثور ، ج ٦ ، ص ٢٦٠.