ويتمكن عباد الله من مواصلة عبادة الله الواحد الأحد بكل حرية ، وتتم الحجّة على الجميع ، بحيث لو أنّ أحداً أراد أن يواصل مسير الكفر سيكون فاسقاً ومقصراً ، (أرجو أن تتأملوا في القسم الأخير من الآية بدقّة).
وبالرغم من أنّ هذه الامور الهامة كانت تعد وعداً إلهياً تحقق في عصر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله والأزمنة اللاحقة من بعده بنحو أوسع للمسلمين في العالم ، وعاد الإسلام الذي كان يوماً ما تحت قبضة الأعداء يعاني من وطأة الظلم بحيث لم يسمحوا له بأدنى فرصةٍ للظهور والبروز على الساحة ، ويعيش المسلمون في حالة دائمة من الخوف والفزع ، عاد في نهاية المطاف وانتشر ليس في شبه جزيرة العرب فحسب ، بل عمَّ أجزاءً عظيمة واسعة من العالم ، وانكفأ الأعداء منهزمين في جميع الجبهات ، ولكن بالرغم من هذا كله ، فإنّ حكومة الإسلام العالمية التي يجبُ أن تعمّ كافة أرجاء المعمورة وآفاق الأرض ، وتقلع جذور الشرك وعبادة الأوثان بشكل نهائي ، وتنشر الأمن والآمان والهدوء والحرية والتوحيد الخالص ، لم تتحقق بعد ، إذن يجب انتظار تحقق هذا الأمر.
سيتحقق هذا الأمر طبقاً لما ورد في الرواية المتواترة التي أشرنا إليها آنفاً في عصر قيام المهدي عليهالسلام ، وبناءً على ما تقدم فإنّ احدى مصاديق هذه الآية تحقق في عصر النبي صلىاللهعليهوآله والأعصار المقارنة له ، وسيتحقق شكله الأوسع في عصر قيام المهدي عليهالسلام ، ولا منافاة بين هذين الأمرين ، ولابدّ من تحقق هذا الوعد الإلهيّ في كلا المرحلتين.
المراد من الاستخلاف هنا خلافة الأقوام الكافرة الماضية ، إذ تزول فيها حكومتهم وتحل محلها حكومة الحق ، نظير ما جاء في قوله تعالى : (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلَائِفَ فِى الارْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ). (يونس / ١٤)
وقد ورد شبيه هذا المعنى في الآيتين ٦٩ و ٧٤ من سورة الأعراف.
وبناءً على ذلك ، فالذين تصوروا أنّ الآية تعد دليلاً واضحاً على خلافة الخلفاء الأربعة ـ أمثال الفخر الرازي ـ باعتبار أنّ أولئك هم الذين استخلفوا الرسول ، وأنّ الوعد الإلهيّ قد تحقق في عصرهم ، إنّما وقعوا في الخطأ ، لأنّ هذه الآية لا يراد بها خلافة الرسول ، بل خلافة