الأقوام السابقة كما ورد ذلك في الآيات الثلاثة الآنفة الذكر ، وكما ورد في قوله تعالى : (وَاوْرَثنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُستَضعَفُونَ مَشَارِقَ الارْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا). (الأعراف / ١٣٧)
من البديهي أنّ بني اسرائيل ورثوا الفراعنة وسيطروا على جميع أنحاء ذلك البلد الواسع الملي بالبركات (مصر وأطرافها).
على أيّة حال فإنّ الآية تُبشر بقيام حكومة المؤمنين الصالحين في جميع أنحاء العالم ، تلك الحكومة التي تحقق مقدار واسع منها في عصر رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله وبعده ، وهي وإن لم تعمُ جميع العالم ، إلّاأنّها كانت نموذجاً على تحقق هذا الوعد الإلهي ، ولكن لم تتحقق بعد على هيئة حكومة عالمية تعمّ أرجاء المعمورة ، والمصداق النهائي لها سوف يتحقق بقيام حكومة الإمام المهدي عليهالسلام مع توفر الأرضية والظروف بمشيئة الله تعالى ، إذ ستُملأ الدنيا عدلاً وقسطاً طبقاً لما ورد في الروايات الصادرة عن الرسول صلىاللهعليهوآله وسائر الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، ونحن بانتظار تحقق هذا الوعد القرآني.
والروايات الواردة في المصادر المختلفة في تفسير هذه الآية تؤكد وتؤيد هذه المسألة أيضاً.
ومنها إنّ المفسّر المعروف «القرطبي» ينقل في تفسير «الجامع لاحكام القرآن» في نهاية هذه الآية عن «سليم بن عامر» ، عن «المقداد بن اسود» ، يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ما على ظهر الأرض بيتُ حجرٍ ولا مدرٍ إلّاأدخَلَهُ الله كَلِمَةَ الإسلام» (١).
وفي تفسير «روح المعاني» نُقل عن «الإمام علي بن الحسين عليهالسلام» أنّه قال في تفسير هذه الآية : «هم والله شيَعتُنا أهل البيتِ يُفعَلُ ذلِكَ بهمْ على يَدِ رَجُلٍ منّا وهو مهديُّ هذه الامّة وهو الَّذي قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو لم يبقَ من الدنيا إلّايوم واحد لطوَّلَ الله تعالى ذلك اليومَ حتى يِلِيَ رجلٌ من عترتيِ اسمُهُ اسمي يملأُ الأرضَ عدلاً وقسِطاً كما مُلِئَتْ ظلماً وجَوراً».
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٧ ص ٤٦٩٢.