وبتعبير آخر : المقصود هم أهل الحل والعقد الذين حيثما اتفقوا على شيء تجب طاعتهم بلا قيد أو شرط «على شرط أن يكونوا منّا ، حيث ذُكرت (منكم) كشرط في الآية الكريمة ، ولا يخالفون سنة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، ولا يتعرضون للإجبار في مباحثاتهم ، وأن يتمتعوا باتفاق الآراء ، وتلك المسألة من المسائل».
فهذه المجموعة واجبة الطاعة في المسائل التي لم يصلنا فيها نصٌ ، ويمكن القول : إنّهم معصومون ، لذا ورد الأمر باطاعتهم بلا قيد أو شرط (١).
من هنا فالموما إليه يعتبر اولي الأمر مجموعة من العلماء وأهل الحل والعقد الذين تتوفر فيهم الشروط الخمسة التالية :
١ ـ الإسلام ، ٢ ـ عدم مخالفة السّنة ، ٣ ـ غير مجبور في ابداء الرأي ، ٤ ـ ابداء الرأي فيما لا نصَّ فيه ، ٥ ـ التمتع باتفاق الآراء ، ويعدُّ مثل هذه الجماعة معصومة.
فهل ياترى أنّ المقصود من «اولي الأمر» في الآية الكريمة هو هذا؟ وهل أنّ أهل العرف وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كانوا يستفيدون هذا المعنى عند سماعهم للآية؟ أم أنَّ هذا المعنى قد فُرض على الآية بتكلّف وعناء لئلا ينصرف معنى الآية إلى الأئمّة المعصومين عليهمالسلام الذين يعتقد بهم الشيعة؟
ويظهر أنّ كلام تفسير «المنار» مشتق من كلام «الفخر الرازي» حيث يقول :
«واعلم أنّ قوله «اولي الأمر منكم» يدل عندنا على أنّ إجماع الأمّة حجة والدليل على ذلك أنّ الله تعالى أمر بطاعة اولي الأمر على سبيل الجزم ، وفي هذه الآية ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابدّ وأن يكون معصوماً عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير اقدامه على الخطأ ، والخطأ لكونه منهي عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وأنّه محال ، فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة اولي الأمر على سبيل الجزم وثبت أنّ كل من أمر الله تعالى بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ ، فثبت قطعاً أنّ وليَّ الأمر المذكور في هذه الآية لابدّ وأن يكون معصوماً.
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ٥ ، ص ١٨١.