ثم يضيف : ذلك المعصوم إمّا مجموع الامة أو بعض الامّة ، لا جائز أن يكون بعض الامّة ، لأننا بيّنّا أن الله تعالى أوجب طاعة اولي الأمر في هذه الآية قطعاً ، وايجاب طاعتهم قطعاً مشروط بكوننا عارفين بهم قادرين على الوصول إليهم والاستفادة منهم ، ونحن نعلم بالضرورة أنا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم ، عاجزون عن الوصول إليهم ، عاجزون عن استفادة الدين والعلم منهم ، وإذا كان الأمر كذلك علمنا أنّ المعصوم الذي أمر الله المؤمنين بطاعته ليس بعضاً من أبعاض الامّة ولا طائفة من طوائفهم ، وذلك يوجب القطع بأنّ إجماع الامّة حجّة» (١).
إنّ ما وضع الفخر الرازي وصاحب المنار وأمثالهم في الزاوية الحرجة وجعلهم يفسرون هذه الآية بهذا التفسير الذي من المسلَّم أنّ أيّاً من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يكن يفهمه حين نزول الآية ، هو التعيين المسبق الذي يحول دون البحث عن مفهوم الآية في أئمّة أهل البيت عليهمالسلام المعصومين ، فمن ناحية أنّ دلالة الآية على عصمة اولي الأمر جليّةٌ.
ولم يكن في نيّتهم التسليم لشخص كإمام معصوم من ناحية اخرى ، لذا فهم يبحثون عن تفسير لم يفهمه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أثناء نزول الآية.
والأعجب من جميع التفاسير هو التفسير الذي ينتخبه بعض مفسري أهل السنّة ، ويقولون : إنّ المراد من اولي الأمر : الحكام والأمراء والملوك ويجب اتباع أي حاكم يتسلط على المسلمين ، عادلاً كان أم ظالماً ، سالكاً جادة الصواب أم منحرفاً ، يأمر بإطاعة الله أم بمعصيته ، كما يقول في تفسير المنار في إشارة غامضة : «وبعضهم اطلق في الحكام فأوجبوا طاعة كلّ حاكم» (٢).
والأعجب من ذلك أيضاً ، الروايات المشكوكة والموضوعة التي نُسبت لرسول الله صلىاللهعليهوآله لإثبات تفسير هذه الآية ، كالذي قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في جوابه لجابر الجعفي حين قال : يانبي الله أرأيت إن قامت علينا امراءُ يسألونا حقّهم ويمنعونا حقّنا فما تأمرنا؟
قال صلىاللهعليهوآله : «إسمعوا وأطيعوا» (٣).
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ١٠ ، ص ١٤٤.
(٢) تفسير المنار ، ج ٥ ، ص ١٨١.
(٣) صحيح مسلم ، ج ٣ ، ص ٤٧٤ ، كتاب الامارة ، باب طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق.