يواجهون أحياناً مأزقاً نفسياً حاداً لا مخرج منه ، مأزقاً مغلقاً نابعاً من اليأس من الإصلاحات.
إنّهم يعتقدون أحياناً بأنّ الأمر قد خرج من أيديهم ولا أمل بالإصلاح قط ، والسعي من أجل المحافظة والابقاء على الطهارة يعد عبثاً ، ومن الممكن أن يجرهم هذا اليأس والاحباط نحو الفساد والتأقلم مع المحيط تدريجياً ، بحيث لا يتمكنون معه من المحافظة على أنفسهم بصورة أقلية صالحة أمام الأكثرية الطالحة ، وينظرون إلى مسألة عدم التأقلم مع الجماعة كباعثٍ على الفضيحة!
والشيء الوحيد الذي يمكن أن يبعث فيهم «الأمل» ويدعوهم إلى المقاومة والمحافظة على النفس ، ولا يدعهم يذوبون في المحيط الفاسد هو الأمل بالإصلاح النهائي ، في هذه الصورة فقط سوف لن يرفعوا أيديهم عن بذل المساعي والجهود للمحافظة على طهارتهم وإصلاح الآخرين.
وإن كنّا نلاحظ في القوانين الإسلامية أنّ اليأس من غفران الذنوب يعدّ من الذنوب الكبيرة ، ومن الممكن أن يتعجب الجاهلون أنّه لماذا يعد اليأس من رحمة الله على هذا القدر من الأهميّة ، بل حتى أنّه أهم من كثير من الذنوب ، إنّ فلسفة هذه المسألة تكمن في حقيقة مفادها هو أنّ المذنب الآيس من الرحمة لا يرى أي مبررٍ للتفكير بالتكفير عن ذنبه ، أو على الأقل الاعراض عن الاستمرار بارتكاب الذنب ، ومنطقه يرتكز على أنّ الماء قد تجاوز هامتي سواء بمتر أو مائة متر! أنا المفضوح في الدنيا فلن ابالي بهموم الدنيا! ولا لون بعد السواد أشد منه ، سأدخل جهنم لا محالة ، أنا الذي اشتريت ذلك لنفسي ، فممّ الخوف إذن؟! وأمثال هذا المنطق ...
أمّا عندما تفتح أمامه نافذة أمل ، الأمل بعفو الله ، الأمل بتغيير الوضع الموجود ، ستتولد نقطة عطفٍ في حياته تدعوه إلى التوقف عن مسيرة الذنوب والعودة نحو الطهارة والإصلاح.
ولهذا السبب يمكن اعتبار الأمل على أنّه عامل تربوي مؤثر في أوضاع الفاسدين دائماً ، وكذلك الصالحون المبتلون بالأوساط الفاسدة ، لا يسعهم المحافظة على أنفسهم بدون الأمل.