فكيف توصد النجوم أو «الشهب» الطريق أمام الشياطين ، وتمنعها عن النفوذ إلى السموات؟ إنّ هذه المسألة يجب أن تبحث على حدة ، وقد أوردنا شرحها في ذيل هذه الآيات في التفسير الامثل ، وما يتوجب الاهتمام به هنا هو المفهوم الإجمالي للآيات التي تبين أنّ النجوم هي سبب تقهقر الشياطين عن الملأ الأعلى ، ويصبح منطقة منزهة للملائكة والكروبيين وهذا المقدار كاف لتفسير حديث النجوم.
نعم فآل النبي صلىاللهعليهوآله كنجوم السماء ، فمن جهة ينقذون الناس من الضلالة في ظلمات الكفر والفساد والذنوب ، ويشخصون لهم سبيل بلوغ غاياتهم ، ويحفظون سالكي سبيل الحق من الغرق وسط أمواج الضلالة.
ومن جهة اخرى عندما يحاول شياطين الجن والانس النفوذ إلى حرم الإسلام ليقوموا بتحريف أحكام القرآن والسنّة فإنّهم عليهمالسلام يردونهم على أعقابهم كالشهب الثاقبة ، ويردون كيدهم إلى نحورهم ويحولون دون اطلاعهم على الأسرار.
وهذه النكتة جديرة بالاهتمام أيضاً لاسيما وأنّها تبيّن أنّ أهل البيت عليهمالسلام أمان للُامة ازاء الاختلافات ، فلو استمرت الاختلافات لصار الناس من حزب ابليس كما قال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : «اختلفوا فصاروا حزب ابليس» وهذا التعبير مفعم بالمعاني.
٢ ـ يستفاد من هذا الحديث أن خطَّ هداية أهل البيت عليهمالسلام متواصل حتى فناء الكون ، كاستمرار أمان النجوم لأهل السماء أو أهل الأرض.
٣ ـ أنّه يثبت عصمتهم من الخطأ والذنب أيضاً ، فلو أمكن صدور الخطأ والذنب عنهم لم يتسن لهم أن يكونوا أماناً ـ بشكل كامل ومطلق ـ لأهل الأرض في مواجهة الاختلاف والضلال ، (تأملوا جيداً).
٤ ـ كما أنّ نجوم السماء تتبادل البزوغ فكلما أفل منها واحدٌ بزغ آخر ، وكلما اختفت منها مجموعة في الافق ،
طلعت اخرى ، فإنّ أهل البيت عليهمالسلام كذلك أيضاً.
وقد وضح علي عليهالسلام هذا الأمر بصريح العبارة في نهج البلاغة :
«ألا أن مثل آل محمد صلىاللهعليهوآله كمثل نجوم السماء إذا هوى نجمٌ طلع نجمٌ» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٠٠.