المودة ، إذ ينقل في ذيل هذه الرواية عن كتاب «مودة القربى» عن «جابر بن سمرة» أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «كلهم من بني هاشم» (١).
وجاء في أغلب هذه الروايات أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خفض صوته أثناء ذكره هذه الجملة ، وصرح بها سرّاً ، وهذا يدل بوضوح أنّ ثمّة أشخاص كانوا يعارضون أن يكون الخلفاء الاثنى عشر لرسول الله صلىاللهعليهوآله في قريش أو بني هاشم ، ممّا أدّى إلى أن يصرح النبي صلىاللهعليهوآله بذلك بشكل سري!
على أيّة حال فإنّ تفسير هذا الحديث الشريف الذي ورد في المصادر المشهورة والمعتبرة ونظراً لاعتراف جميع علماء الإسلام به فإنّه واضح لأتباع أهل البيت عليهمالسلام ، وأنّهم لا يرون معنى له سوى الأئمّة الاثنى عشر ، إلّاأنّ تفسيره بالنسبة لأتباع المذاهب الاخرى أصبح عبارة عن مسألة غامضة ومعقدة ومعضلة ، بنحو يمكن معه القول بكل اطمئنان : إنّ أيّاً منهم لم يقدم تفسيراً واضحاً له ، والسر في ذلك معلوم ، فالخلفاء الأوائل كانوا أربعة ، وحكام بني امية كانوا اربعة عشر ، وبلغ عدد حكام بني العباس سبعاً وثلاثين شخصاً.
وإنّ أيّاً منهم لم ينطبق عليه حديث «الأئمّة اثنى عشر» ، كما أنّ الجمع والتمييز بينهم لن يحل المشكلة ، إلّاأن نلغي البعض ونقبل بالبعض الآخر وفقاً لميولنا ، وننتخب اثني عشر منهم بمشقة وعناء ، وهذا أيضاً لاينسجم مع أي منطق.
من الأفضل لنا أن نضع زمام الحديث بيد «الحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي» فهو يقول في الكتاب المعروف «ينابيع المودة» :
قال بعض المحققين : إنّ الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلىاللهعليهوآله اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة فبشرخ الزمان وتعريف الكون والمكان علم أنّ مراد رسول الله صلىاللهعليهوآله من حديثه هذا الأئمّة الاثني عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ولا يمكن أن يحمله على الملوك الأموية لزيادتهم عن اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش ـ إلّاعمر بن عبد العزيز ـ ولكونهم غير
__________________
(١) ينابيع المودة ، ص ٤٤٥ ، الباب ٧٧.