الأدلة والقرائن ، استنباط.
وهذا التعبير صادق بحق العلماء فقط ، لا قادة الجيش ولا الأمراء ، من هنا فإنّه تعالى يكلف المسلمين بالرجوع إلى العلماء وأُولي الأمر في المسائل الحساسة والمصيرية.
لكن ما المقصود هنا من «اولي الأمر»؟ ثمّة جدل بين المفسرين أيضاً ، فبعض فسرها بمعنى امراء الجيش لاسيّما الجيش الذي فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وبعضٌ بمعنى العلماء والفقهاء ، وبعضٌ فسّرها بالخلفاء الأربعة ، وبعضٌ بمعنى أهل الحل والعقد (زعماء المجتمع) ، وطائفة اعتبرتهم الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.
والظاهر أنّ التفسير الأخير أكثر ملائمة من البقية ، فقد ذكرت خصلتان لُاولي الأمر في ذيل الآية لايمكن لهما أن تصدقا على غير المعصوم :
الاولى : ما يقوله تعالى بما معناه : ولو ردوه إلى اولي الأمر لأرشدهم أولئك الذين يعلمون اصول القضايا ، وظاهر هذا التعبير أنّ علمهم غير مختلط بالجهل والشك ، وهذا الأمر لا يصدق على غير المعصومين.
والثانية : هي أنّه تعالى يعدُّ وجود اولي الأمر نوعاً من الفضل والرحمة الإلهيّة حيث تحول طاعتهم دون اتباع الناس للشيطان : (وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطَانَ إلَّاقَلِيلاً).
ومن الواضح أنّ اتباع المعصومين فقط هو الطريق الأمثل والأصوب الذي بإمكانه الحؤول دون ضلال الإنسان واتباعه للشياطين ، لأنّ غير المعصومين ربّما يزلون ويقعون في الخطأ والمعصية ويصبحون أُلعوبة بيد الشيطان.
لهذا فقد فسّرت (اولي الأمر) في هذه الآية في العديد من الروايات التي وصلتنا عن طرق أهل البيت عليهمالسلام وأهل السنّة بمعنى الأئمّة المعصومين.
ففي رواية ذكرها المرحوم الطبرسي في مجمع البيان عن الإمام الباقر عليهالسلام قوله : «هم الأئمّة المعصومون» (١).
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٨٢.