ويتمسكون بالروايات الواردة بعنوان (المسلم) أو الناس وذهبوا إلى أنّ حرمة غيبة هؤلاء ليست عجيبة ، لأنّ أموالهم وأنفسهم محترمة فلما ذا لا يكون عرضهم كذلك؟
ولكن المرحوم صاحب الجواهر قدسسره خالف ذلك بشدّة وقال : «بأنّ ظاهر الروايات يدلّ بضم بعضها إلى بعض على أنّ حرمة الغيبة مختصة بالمؤمنين وأتباع أهل البيت عليهمالسلام وحتى أنّه استدل بالسيره المستمرة بين العلماء والعوام أيضاً.
إذا كان مقصود هذا الفقيه الكبير من المخالفين لأهل البيت عليهمالسلام هم النواصب وأعداء المؤمنين والمسلمين فلا شك في عدم حرمتهم وحرمة غيبتهم ، ولكن إذا كان الكلام عن الفرق الإسلامية التي من المقرر حفظ واحترام أنفسهم وأموالهم وكذلك أهل الكتاب من أهل الذمة فإنّ رأي المحقق الأردبيلي قدسسره هو الأقرب إلى الصواب ، لأنّه في كل مورد تكون نفس الإنسان وماله محترماً ، فكذلك عرضه وماء وجهه فلا يجوز التعرّض له بالغيبة ، وتوجيه الخطاب للمؤمنين في الآية ١٢ من سورة الحجرات (آية الغيبة) أو التعبير بالمؤمن في بعض الروايات لا يدلّ على عدم شمول حكم الغيبة بالنسبة إلى الآخرين ، وبعبارة اخرى إنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه.
وعلى هذا الأساس يجب اجتناب غيبة جميع الأشخاص الذين تكون نفوسهم وأموالهم وأعراضهم محترمة وجميع هؤلاء يشملهم حق الناس ، وطبعاً هذا في صورة ما إذا لم يكن متجاهراً بالفسق ولم يكن يتحرّك من موقع المؤامرة والدسيسة على الإسلام والمسلمين ، بل كانت لهم عيوب وذنوب مستورة وخاصة بهم ، فيكون فضحهم والكشف عن هذه العيوب وإراقة ماء وجههم ليس مسوّغ شرعي قطعاً.
وأمّا بالنسبة إلى الطفل المميّز الذي يتألم من الغيبة فأيضاً يجب القول بأنّ غيبته حرام كما أشار إلى ذلك الشيخ الأنصاري قدسسره في المكاسب المحرّمة وقال : إنّ عنوان الأخ المؤمن صادق عليه أيضاً كما قال تعالى عن الأيتام : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ)(١).
ولكنّ الصواب هو أنّه لا ينبغي تقييد المورد بالمميّز ، لأنّ كشف العيوب المستورة للطفل
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٢٠.