لموارد ومصاديق حسن الخلق فإنّهم سيتمكّنون في المستقبل من توفير رأس مال كبير من هذه الصفة الإنسانية وينتفعون من بركاتها ونتائجها الإيجابية في حياتهم النفسية والاجتماعية.
ومضافاً إلى كل ذلك ونظراً إلى أنّ أحد عوامل سوء الخلق هو التكبّر والغرور وكذلك الحدّة والغضب وروح الانتقام وأحياناً يكون بسبب الحرص والبخل والحسد ، فلو أنّ الإنسان أراد أن يكون حسن الخلق في جميع موارد الحياة الفردية والاجتماعية لوجب عليه أن يدفع ويزيل هذه الصفات والحالات السلبية عن واقعه النفسي.
عليه أن يراعي حدّ الاعتدال في القوّة الغضبيّة والشهوية وأن تكون له سعة الافق وشرح الصدر ليتمكّن بذلك من تطهير قلبه وروحه من الأنانية والحسد والبخل وبالتالي يورثه ذلك حسن الأخلاق ويكون في أمان من سوء الخلق مع الناس.
وعليه فإنّ تحصيل هذه الفضيلة الأخلاقية الكبيرة تتطلب وجود وتوّفر مجموعة من الصفات الحسنة في واقع الإنسان النفسي حيث إنّه بدونها لا يكون حسن الخلق في سلوكه الأخلاقي.
ويقول (الغزالي) في هذا الصدد : كما أنّ صاحب الوجه الحسن لا يكون كذلك بجمال العين فقط بل لا بدّ أن يضم إليه جمال الأنف والفم وجميع أعضاء الوجه ، ليكون جميلاً وكاملاً في مجال الجمال البدني والمادي ، فكذلك حال الجمال الباطني والمعنوي فما لم يصل الإنسان إلى حد الاعتدال في قواه الأربعة ... العلم والغضب والشهوة والعدالة ، فإنّه لا يصل إلى مقام الجمال الباطني.
ولا شك أنّ عامل (الوراثة) يوثّر في سلوك الإنسان الأخلاقي حيث يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «حُسنُ الخُلقِ بُرهانُ كَرمِ الأعراقِ» (١).
ويقول عليهالسلام في مكان آخر : «أطهَرُ النّاسِ أَعراقَاً أَحسَنُهُم أَخلاقاً» (٢).
__________________
١ ـ غرر الحكم ، ح ٤٨٥٥.
٢ ـ المصدر السابق ، ح ٣٠٣٢.