دخل الناس في دينه أفواجاً فقرن اسمه باسم ناموسه ، فصار يهتف به على رؤوس الصوامع في جميع البلدان ...
فقال ابن أبي العوجاء : دع ذكر محمد ، فقد تحيّر فيه عقلي ، وضلّ في أمره فكري ، وحدثنا في ذكر الأصل الذي يمشي به ، ثمّ ذكر ابتداء الأشياء وزعم أنّ ذلك باهمال لا صنعة فيه ولا تقدير ، ولا صانع له ولا مدبّر ، بل الأشياء تتكوّن من ذاتها بلا مدبّر ، وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال.
قال المفضّل : فلم أملك نفسي غضباً وغيظاً وحنقاً ، فقلت : يا عدوّ الله ألحدت في دين الله ، وأنكرت الباري جلّ قدسه الذي خلقك في أحسن تقويم ، وصوّرك في أتمّ صورة ، ونقلك في أحوالك حتى بلغ بك إلى حيث انتهيت.
فقال ابن أبي العوجاء : يا هذا إن كنت من أهل الكلام كلّمناك ، فإن ثبت لك حجّة تبعناك ، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك ، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد (الصادق) ، فما هكذا يخاطبنا ، ولا بمثل دليلك يجادلنا ، ولقد سمع من كلامنا أكثر ممّا سمعت ، فما أفحش في خطابنا ولا تعدّى في جوابنا ، وإنّه للحلوم الرزين العاقل الرصين لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق ، ويسمع كلامنا ويصغي إلينا ويستعرف حجّتنا حتى إذا استفرغنا ما عندنا وظننا أن قد قطعناه أدحض حجّتنا بكلام يسير وخطاب قصير يلزمنا به الحجّة ، ويقطع العذر ، ولا نستطيع لجوابه ردّاً ، فان كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه (١).
٩ ـ ونقرأ في حالات الإمام موسى بن جعفر أنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم علياً عليهالسلام قال : وكان قد قال له بعض حاشيته دعنا نقتله فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي وزجرهم أشدّ الزجر وسأل عن العمري فذكر له أنّه يزرع بناحية من نواحى المدينة ، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري لا تطأ زرعنا فوطئه بالحمار حتى وصل إليه فنزل فجلس عنده وضاحكه وقال له : كم غرمت في زرعك هذا قال له : مائة دينار قال : فكم ترجو أن يصيب ، قال له : أنا لا أعلم الغيب ، قال : إنّما
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ٣ ، ص ٥٧ و ٥٨ (مع التلخيص).