قلت لك كم ترجو أن يجيئك فيه قال : أرجو أن يجيئني مائتا دينار ، قال : فأعطاه ثلاثمائة دينار ، وقال : هذا زرعك على حاله ، قال : فقام العمري فقبل رأسه وانصرف.
قال الراوي : فراح المسجد فوجد العمري جالساً فلمّا نظر إليه قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته ، قال : فوثب أصحابه فقالوا له : ما قصتّك؟ قد كنت تقول خلاف هذا ، قال : فخاصمهم وشاتمهم ، قال : وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلّما دخل وخرج ، قال فقال أبو الحسن موسى الكاظم عليهالسلام لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري : «أيما كان خير ما أردتم أو ما أردت أصلح أمره بهذا المقدار» (١).
١٠ ـ وهكذا ورد في سيرة الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام وكيفية تعامله مع الناس من موقع المحبّة واللطف ، نقل عن اليسع بن حمزة ، قال : كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليهالسلام احدثه وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام ، إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال : السلام عليك يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله رجل من محبيك ومحبّي آبائك وأجدادك مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ به مرحلة ، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله عليَّ نعمة ، فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست بموضع صدقة.
فقال له الإمام عليهالسلام : اجلس يرحمك الله ، واقبل على الناس يحدثهم حتّى تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا ، فقال : أتأذنون لي في الدخول؟
فقال له سليمان : قدم الله أمرك ، فقام ودخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب ، وقال اين الخراساني؟ فقال : ها أنا ذا.
فقال عليهالسلام : خذ هذه المأتي دينار فاستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرك بها ولا تصدق بها عنّي واخرج فلا أراك ولا تراني ، ثم خرج ، فقال سليمان الجعفري : جعلت فداك لقد اجزلت ورحمت فلما ذا استرت وجهك عنه؟
فقال عليهالسلام : مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته ، أما سمعت حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله : «المُستَترُ بِالحسنَةِ تَعدِلُ سَبعِينَ حِجَّةً ، وَالمُذِيعُ بِالسيئَةِ مَخذُولٍ ، وَالمُستَترُ
__________________
١ ـ أعيان الشيعة ، ج ٢ ، ص ٧.