المهاجرين والأنصار والتابعين ، وفي مكان آخر يتحدّث عن حزب الله تعالى ، وفي مورد ثالث يتحدّث عن (خير البرية) ، وفي هذه الآية محل البحث يتحدّث عن الصادقين ، وهذا يدلّ على أنّ الصادقين هم حزب الله تعالى وخير البرية ، ومن المهاجرين والانصار والتابعين.
«الآية الثانية» تخاطب جميع المؤمنين من موقع الأمر بتقوى الله تعالى الذي يقترن مع الصدق وتقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
ونظراً إلى أنّ مثل هذه الخطابات القرآنية وكما ورد في الاصطلاح أنّها خطابات المشافهة فإنّها تستوعب في دائرتها ومصاديقها جميع المؤمنين في كل زمان ومكان ، ومن الواضح أنّ الكون مع الصادقين وظيفة وواجب على الجميع في أي مكان وزمان ، وهذا يدلّ على أنّ الإنسان إذا أراد التحرّك في خط التقوى والإيمان والاستقامة فعليه أن يعيش مع الصادقين ويلتزم بهم.
أمّا المقصود من الصادقين في هذه الآية ما هو؟ فهناك تفاسير متعددة لذلك ، فالبعض ذكر أنّ المقصود هو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وأصحابه ، وذهب البعض الآخر إلى أنّ مراد الآية من الصادقين هم الأشخاص الذين يتمتعون بصدق النيّة والصلاح في العقائد والأعمال ، وأورد آخرون تفاسير اخرى لهذه العبارة.
ولكن عند الرجوع لسائر الآيات القرآنية نجد أنّ القرآن نفسه يفسّر المراد من هذه الآية حيث يقول في سورة الحجرات : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)(١)
وهكذا نرى أنّ هذه الآية قد ذكرت للصادقين صفات سامية كالإيمان الذي لا يشوبه أي شك وريب والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس وأمثال ذلك.
وقد ذكرت الآية ٨ من سورة الحشر أحد المصاديق البارزة للصادقين وهم المهاجرون
__________________
١ ـ سورة الحجرات ، الآية ١٥.