وإصلاح اللسان والقول ، وأمّا الأشخاص الذين يعيشون الكذب في كلامهم فهم الفارغون من الإيمان الكامل.
«الآية الخامسة» وبعد الإشارة إلى الحالة السلبية للمنافقين وتذبذبهم وتناقضهم في القول والعمل وخوفهم العظيم من الجهاد في سبيل الله تعالى الذي هو في الحقيقة أصل العزّة والفخر للإنسان المؤمن تقول الآية : «طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ».
فهؤلاء كانوا يقولون أننا عند ما ينزل علينا الأمر بالجهاد فسوف نتحرّك من موقع الطاعة ولا نقول سوى المعروف والصدق ، ولكن عند ما يحين الوقت وينزل الأمر بالجهاد يتجلّى حينئذٍ عدم صدقهم وتهافتهم وتخاذلهم في حين أنّهم لو صدقوا الله لكان خيراً لهم.
هذا التعبير يدلّ على أنّ الكذب هو أحد علامات المنافقين ، فقبل أن يواجهوا الأمر الواقع وتحين لحظة الحسم فأنّهم ينطلقون من موقع الوعد بالجهاد والثبات والانطلاق من موقع المسؤولية ، ولكن عند ما تحين اللحظة الحاسمة يتّضح كذبهم ونفاقهم ، أي أنّ هذه الرذيلة الأخلاقية وهي الكذب تعدّ باباً ومفتاحاً للنفاق.
«الآية السادسة» : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ).
ولا شك أنّ أصحاب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قد تجاوزوا اختبارات صعبة في ميدان العمل والواقع ، وأحد أهم هذه الاختبارات هي مسألة الهجرة ، التي تعني ترك البيوت والأموال وغض الطرف عن الأوطان وجميع التعلّقات التي ألفها الإنسان في وطنه والانتقال إلى مكان آخر يبدأ فيه الحركة والحياة من نقطة الصفر ويعيش هناك مع أنواع الحرمان والنقص في موارد المعيشة ، وفي حالة ما إذا لم تهاجر معه الزوجة والأطفال فالصعوبات التي يواجهها هذا الإنسان المهاجر ستتضاعف وتشتد.