على البعض الآخر ، وهذا المعنى لا يتحصّل إلّا بتوفر عنصر الصدق والأمانة بينهم ، أجل فإنّ أهم وسيلة مؤثّرة في جذب إعتماد الناس هو الصدق ، وأخطر وسيلة وأداة لهدم العلاقات الاجتماعية وتخريب أواصر المودّة بين الأفراد هو الكذب ، ولا فرق في هذا الأمر بين المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية.
فالرجل السياسي المحنّك والذي يعتمد عليه الناس إذا تورط في مورد أو عدّة موارد من الكذب وسمع منه الناس ذلك ، فإنّهم سيتباعدون عنه وبهذا يخسر نفوذه وشخصيته بين الناس.
والعالم أو المكتشف إذا تلّوث بالكذب في تحقيقاته العلمية فقد إعتماد المحافل العلمية باختراعاته وتحقيقاته وبالتالي تذهب أتعابه أدراج الرياح وتكون تحقيقاته المدوّنة حبراً على ورق.
المؤسسات الاقتصادية أيضاً إذا تعاملت في الأعلان عن منتوجاتها وبضائعها من موضع الكذب والدجل فإنّ الناس سوف لا يثقون بمنتوجاتها بعد ذلك وسوف تخسر هذه المؤسسات زبائنها سريعاً.
وفي دائرة الإدارة إذا لم يصدق المدير مع مرؤوسيه وموظفيه فإنّ نظم هذه الدوائر أو المؤسسة سوف يتلاشى بالتأكيد ، وعلى هذا نصل إلى هذه النتيجة وهي أنّ أساس جميع أشكال التقدّم المعنوي والمادي في المجتمع يتمثّل بالاعتماد المتقابل بين الأفراد والذي يعتمد بدوره على الصدق.
ولذلك ورد في الرواية الشريفة عن أمير المؤمنين أنّه قال : «الصِّدقُ صلاح كُلِّ شيءٍ والكِذبُ فَسادُ كُلِّ شَيءٍ» (١).
وقال أيضاً في حديث آخر : «الكَذِّابُ والمَيِّتُ سَواءٌ فإنَّ فَضِيلَةَ الحَيِّ عَلَى المَيِّتِ الثِّقَةُ بِهِ ، فَإذا لَمْ يُوثَقُ بَكلامِهِ فَقَد بَطَلَتْ حَياتُهُ» (٢).
__________________
١ ـ غرر الحكم.
٢ ـ المصدر السابق.