واستقرار الإسلام في ربوع الحجاز والجزيرة العربية حيث أمر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله الإمام علي عليهالسلام بقراءة الآيات الاولى من سورة براءة لمراسم الحج أمام جميع الناس والإعلان للمشركين بأنّه بقيت لهم فرصة أربعة أشهر فأمّا أن يتركوا الشرك ويدخلوا في الإسلام أو يمتنعوا من الدخول إلى المسجد الحرام ، وبعد انقضاء الأشهر الأربعة عليهم فيما لو لم يتركوا الشرك وعبادة الأوثان أن يستعدوا لمواجهة المسلمين عسكرياً.
ولكن مع هذا الحال فإنّ بعض المشركين كانت تربطهم بالمسلمين رابطة العهد والميثاق فأمر الله تعالى أن يحفظوا لهم عهودهم إلى انتهاء مدّتهم.
وهنا يتبيّن من خلال إستثناء هذه الطائفة إلى جانب ما ورد من التعبير الشديد في بداية سورة التوبة ، يتبيّن من ذلك الأهميّة الكبيرة التي يوليها الإسلام للوفاء بالعهد ، ويتبيّن أيضاً ضمن هذا الاستثناء أنّه عند ما يلغي النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عهده وميثاقه مع بعض الطوائف الاخرى فالسبب في ذلك أنّهم كانوا قد بدأوا نقض العهد أولاً ، وإلّا فلا دليل على اختلاف تعامل النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله معهم عن غيرهم.
وفي ذلك اليوم كانت وظيفة الإمام علي عليهالسلام هي أن يعلن للناس في مراسم الحج أربع مواضيع :
١ ـ إلغاء العهود مع المشركين الذين سبق وأن نقضوا عهدهم مع المسلمين.
٢ ـ منع المشركين من الاشتراك في مراسم الحج للسنة القادمة.
٣ ـ منع ورود المشركين إلى بيت الله الحرام.
٤ ـ منع الطواف في حالة التعرّي والتي كانت سائدة في ذلك الزمان.
وعلى أية حال ونظراً إلى أنّ هذه الواقعة كانت بعد فتح مكّة وأنّ المسلمين كانوا قد سيطروا على تلك المنطقة سيطرة تامّة ولا تستطيع أي قدرة أن تقف في مقابلهم إلّا أنّهم في نفس الوقت احترموا عهودهم مع طائفة من المشركين ، وبذلك يتّضح أنّ مسألة الوفاء بالعهد لا تقبل المساومة تحت أية ظروف (١).
__________________
١ ـ راجع تفصيل الكلام في الآية الاولى من سورة البراءة في ج ٩ ، من نفحات القرآن.