لا شك أنّ الإيمان الحقيقي والاعتقاد بالتوحيد الأفعالي في واقع الإنسان وقلبه يعد أحد الأسباب المهمة للوفاء بالعهد والالتزام به ، لأنّ من ينقض العهد فأنه يرتكب هذه الخطيئة من موقع الجهل بقدرة الله ورازقيته وبدافع من منفعته العاجلة فينسى ما وعد به الله تعالى على الوفاء بالعهد.
ولهذا نقرأ في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «مِنْ دَلائِلِ الإِيمانِ الْوَفاءُ بِالْعَهْدِ» (١).
وفي حديث آخر عنه أيضاً يقول : «ما ايْقَنَ بِاللهِ مَنْ لَمْ يَرْعَ عُهُودَهُ وَذِمَّتَهُ» (٢).
مضافاً إلى ذلك فانّ شخصية الإنسان الذاتية تستدعي الوفاء والالتزام بالعهد أيضاً ، ولذلك فانّ الأشخاص الذين يتمتعون بقوة الشخصية لا يبيحون لأنفسهم نقض العهد مع أي شخص كان اطلاقاً ويرون أنّ نقض العهد علامة الضعف والحقارة وفقدان الشخصية ، ولهذا نقرأ في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام ما يشير إلى أنّ الوفاء بالعهد هو أحد علائم الصالحين والطاهرين من الناس حيث يقول : «بِحُسْنِ الْوَفاءِ يُعْرَفُ الْابْرارُ» (٣).
ومن الدوافع النفسية على إرتكاب نقض العهد هي الجهل والغفلة وعدم الاطلاع على العواقب المشؤومة لنقض العهد في حياة الناس الفردية والاجتماعية ، كما هو حال الشخص الذي يتناول طعاماً لذيذاً في الظاهر ولكنه مسموم في الحقيقة ، فيتناوله بشوق ورغبة بدون أن يعلم عاقبته المؤلمة.
والأشخاص الذين يتمتعون بعقل أكبر وعلم أوفر ويرون المعطيات الحسنة للوفاء بالعهد والأضرار المترتبة على نقض العهد فأنّهم لا يتركون هذه الفضيلة الأخلاقية اطلاقاً ولا يذلون أنفسهم بأرتكاب تلك الصفة الرذيلة وهي نقض العهد أبداً كما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «الْوَفاءُ حِلْيَةُ الْعَقْلِ وَعُنْوانُ النُّبْلِ» (٤).
__________________
١ ـ غرر الحكم.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ المصدر السابق.
٤ ـ المصدر السابق.