على نظرات الآخرين والوصول إلى الواقعيات من هذا الطريق.
أمّا المراء والجدال على المستوى السلبي فيعني المباحثات والنزاعات الكلامية التي تنطلق بوحي من عقدة الخصومة والتي لا تهدف إلى غرض معيّن وصحيح ولا تسير في خط تبيين الحقائق ، بل الهدف منها هو تكريس الخصومة والتعصّب واللّجاجة وإثبات التفوّق وإظهار الفضل على الآخرين.
وهذا التقسيم نجده منعكساً في آيات القرآن الكريم حيث يقول في الآية ٤٨ من سورة العنكبوت : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ويقول في مكان آخر في الآية ١٢٥ من سورة النحل : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ويقول في مكان آخر في مقام الذم لجماعة من الكافرين : (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ).
وأمّا في مورد المراء الإيجابي فنقرأ في (قصة أصحاب الكهف) وعددهم قوله تعالى : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً)(١).
أي بالنسبة إلى عدد أصحاب الكهف فلا ينبغي أن تتباحث حولهم إلّا بالكلام المنطقي المقترن بالدليل.
وأمّا في مورد المراء السلبي فيقول تعالى : (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(٢).
وهناك تقسيمات اخرى أيضاً على حسب الأشخاص في طرفي المباحثة وكذلك بالنسبة إلى المواضيع والمسائل التي تدور في أجواء البحث والجدال.
ومن ذلك أن يكون طرف المناظرة إنساناً عاقلاً وفاهماً لكي تكون المباحثة معه مثمرة من خلال الاستدلال المنطقي والعلمي كما ورد في وصيّة أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «دَعْ المُمارَاةَ وَمُجارَاتَ مَنْ لا عَقلَ لَهُ وَلا عِلمَ» (٣).
__________________
١ ـ سورة الشورى ، الآية ٢٢.
٢ ـ سورة الكهف ، الآية ١٨.
٣ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٢٩ ، ح ١٤.