يعدّ سبباً وعلّة للآخر وأحياناً مسبباً ومعلولاً ، وذلك في حالات ومواطن مختلفة.
ومن جهة اخرى فإنّ التأمل في الآثار السلبية الكثيرة المترتبة على النميمة والسعاية والتي تورث المجتمع الدمار والخراب وتفضي إلى عواقب وخيمة على مستوى العوائل والاسر كما تقدّم تفصيل ذلك في الأبحاث السابقة ، وكذلك ما يترتّب على النميمة من العذاب الإلهي في الدنيا والآخرة فإنّ ذلك يشكل عاملاً مهمّاً من عوامل التصدي لاستفحال هذه الظاهرة والحالة الذميمة وبالتالي إزالتها من موقع النفس.
إنّ الشخص النّمام وخاصة إذا كان قد إعتاد على النميمة يجب عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار الآثار الوخيمة الاجتماعية والعقوبات الإلهية المترتبة على هذا العمل ويعيد إلى ذهنه هذا المعنى كل يوم ويلقّن نفسه أنّ عاقبة النميمة والسعاية هي هذه وهذه ، وإلّا فإنّ الوساوس الشيطانية والأهواء النفسية لا تدعه لحاله.
معاشرة الأفراد المؤمنين يمكنها أن تكون عاملاً آخر من عوامل التصدّي للنميمة ، لأنّ الشخص المبتلى بهذا المرض عند ما يتحدّث في مجالس المؤمنين ويرى أنّهم لا يعتنون بكلامه ولا يهتمّون لأقواله وقد يطرودنه من مجالسهم بسبب ذلك ، فإنّه سينته بسرعة إلى عدم وجود المشتري لكلامه ، بل إنّ كلامه تسبب في نفرة الناس من حوله وسوء ظنّهم به ، ونفس هذا الأمر يقوي فيه الإرادة على ترك هذا العمل القبيح وقد ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «أَكذِبِ السِّعايَةَ وَالنَّمِيمَةَ باطِلةً كانَتْ أَو صَحِيحَةً» (١).
ونقرأ في حديث آخر أنّ رجلاً جاء بكتاب له إلى أمير المؤمنين عليهالسلام كتب فيه النميمة عن شخص آخر فقال له الإمام عليهالسلام : «إِنْ كُنتَ صادِقاً مَقَتناكَ وإِنْ كُنتَ كاذِباً عاقَبناكَ وإِن أَحببتَ القَيلَ أَقَلناكَ ، قالَ : بَل تُقِيلُني يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ» (٢).
ومن الجدير بالذكر أنّ الأشخاص الذين يتحرّكون نحوك بالنميمة والتحدّث بالسوء عن شخص آخر فإنّهم سوف يتحدّثون عنك بسوء لدى ذلك الشخص أيضاً كما ورد في روضة
__________________
١ ـ غرر الحكم.
٢ ـ ميزان الحكمة ، ج ٤ ، ص ٦٨٥ ؛ ومثله في بحار الانوار ، ج ٧٢ ، ص ٢٧٠.