والاستكبار يقف وراء الكثير من هذا القبيل من السلوكيات الغارقة في الوهم والزيف.
ولا نجد أحداً من الأنبياء عليهمالسلام دعا قومه كما دعا نوح عليهالسلام إذ عمّر فيهم ٩٥٠ سنةً وأكّد عليهم دعوته الإلهية مراراً وتكراراً ، وعبارة «الليل والنهار» يمكن أن تكون إشارة إلى مجالسهم العمومية التي كانوا يجلسون فيها بالليل والنهار ، فكان يدعوهم إلى الله تعالى في كل وقت ، ولم يؤمن له إلّا قليل ، وعلى حد تعبير البعض أنّ معدل من كان يؤمن به من قومه فرد واحد لكل اثني عشرة سنةً.
تعبير : (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) ، هو وضع رؤوس الأصابع في الآذان لمنع السماع ، أو هو إشارة لشدّة موقفهم في الهروب من الحق ، وكأنّهم كانوا يريدون أن يدخلوا أصابعهم كلها في الآذان حتى لا يسمعوا الحق.
تعبير : (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) ، يبين أنّ دعوة نوح النبي عليهالسلام كانت لها نتيجةً عكسية عندهم ، نعم فإن المشاكسين والمستكبرين يصرون على أفعالهم عند سماعهم للحق ، ومثلهم كمثل المزابل عند هطول المطر عليها حيث تزداد عفونة وتشتد رائحتها النتنة.
«الآية الخامسة» تشير إلى عناد قوم ابراهيم عليهالسلام من عبدة الأوثان في بابل بعد ما أثبت لهم ابراهيم عليهالسلام بدليل قاطع زيف آلهتهم ، فحطّم الأصنام كلها إلّا كبيرهم وطلب منهم أن يسألوا الكبير عمّن فعل بآلهتهم تلك الفعلة الشنيعة؟؟
لقد تنبهوا للأمر في واقعهم ولاموا أنفسهم واستيقظوا للحظة ، ولو قدّر أن تستمر هذهِ اللحظة لتغير موقفهم من الشرك إلى الإيمان ، ولكن عنادهم ولجاجتهم وتعصبهم لم يمنحهم الفرصة للتفكير السليم وتقول الآية : (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ).
فقال إبراهيم عليهالسلام : (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ).