إذا تجرّد الإنسان من تعصبه وعناده ، ورأى بامِّ عينيه أنّ الذي كان يعوّل عليه دائماً في المحن والصعاب ، أصبح لا قيمة له اليوم وتبيّن زيفه بحيث لا يستطيع معرفة من عمل على تخريبه وتحطيمه ، أليس من الجدير بذلك الشخص أن يستيقظ من نومته تلك ويتحرّك بعيداً عن تلك السلوكيات الغارقة في الزيف ويتجنب هذهِ الخرافات والاعتقادات السخيفة ويطهر فكره منها؟!
نعم فإن التعصب واللجاج يضع حجاباً قوياً على عين وقلب الإنسان فينكر اوضح المسائل.
واللطيف في الأمر أنّ الآية الاولى ذكرت : (فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ) وهو تعبير حاكي عن الاستيقاظ والانتباه ، ولكن الآية الثانية تقول : (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) وهو تعبير عن تراجع من موقع الوضوح في الرؤية وبدوافع جاهلية وغير منطقية مترسبة في دوافع النفس.
«الآية السادسة» ، تستعرض عناد بني اسرائيل الذي يضرب به المثل ففي ، هذه الآية وما قبلها اشارة إلى قصة القتل المُبهم الذي وقع في قوم بني اسرائيل ، وكاد أن يفضي إلى إقتتال الطوائف فيما بينها.
فقال موسى عليهالسلام : بأمرٍ من الله سوف نعرّف القاتل ، فاذبحوا بقرة ولامسوا بقسم من بدنها ببدن المقتول ، فسيقول لكم من هو القاتل.
حيّر هذا الاقتراح العجيب بني اسرائيل ، ولكنه في نفس الوقت بعث الأمل في نفوسهم ، وحان الوقت لتنفيذ أوامر النبي موسى عليهالسلام وانهاء المسألة ، ولكن بني اسرائيل وبصورة غريبة أخذوا يستشكلون ويتساءلون من موقع العناد وعدم الرغبة في الامتثال ، فمرّة يسألون عن عمرها ومرّة عن لونها واخرى عن نوعها وعملها ، فبأسألتهم تلك ضيّقوا فرصة العثور على مثل هذهِ البقرة لحظة بعد لحظة وبالتالي وبعد عناد كبير وسعرٍ خيالي وجدوا البقرة بتلك الأوصاف المطلوبة ، ولو أنّهم لم يسألوا ولم يستشكلوا وذبحوا أول بقرة وقعت في أيديهم ، لأنحلت المشكلة ، لأنّه لو كان (المأمور به) مشروطاً بشرائط معينة لوجب البيان