وهذا أيضاً يمكن أن يكون إشارة لمثل هذه الأزمان والحالات التي يسود فيها الإنحطاط الأخلاقي في مفاصل المجتمع البشري ، وإلّا فانّ سوء الظن بعنوانه أصل عام لا يمكن أن يكون مورد المدح والثناء والقبول.
ويستفاد من مجموع ما تقدم من الروايات أنّ الأصل في الأجواء الاجتماعية السالمة نسبياً هو حسن الظن ، وعلى العكس من ذلك فإذا عاش الإنسان في أجواء فاسدة ومتخلّفة فانّ الأصل يجب أن يبتنى على سوء الظن ، وطبعاً هذا لا يعني أن ينسب الإنسان بعض التهم ويلفّق بعض العيوب والنقائص لشخص من الأشخاص ، بل ينبغي الاحتياط في مثل هذه الظروف لئلّا يتورّط الإنسان في مشاكل ومصاعب يفرضها عليه هذا المحيط الفاسد.
وطبعاً لا ينبغي أن يكون هذا الاستثناء وهذه الروايات ذريعة بيد الأشخاص لكي يتحرّكوا من موقع سوء الظن بأيّ إنسان ويقول بأنّ هذا الزمان كثر فيه الفساد وشاع فيه الانحطاط فمن الخطأ حسن الظن بالناس ، فحتى في الأزمنة الفاسدة والأجواء المنحطة يجب على الإنسان أن يصنّف الناس إلى عدّة أصناف ، فيجعل من الأشخاص الذين يتجّلى في محياهم الصلاح والخير في دائرة الصالحين ، فلا ينبغي أن يكونوا مورد سوء الظن ما دام لم يشاهد منهم أمراً منكراً من موقع الوضوح.
ولكنه عليه أن يضع الفئات التي شاهد منها سلوكيات مخالفة وأفعال منكرة بصورة متكررة في صف الأشرار والمفسدين ، ولا ينبغي عليه أن يحسن الظن بنيّاتهم وأفعالهم اطلاقاً.
ب) بالنسبة إلى الامور الأمنيّة في المجتمع الإسلامي والتي يتعلّق بها سلامة المجتمع وأمنه واستقراره لا يجوز حسن الظن بأيّة حركة مشكوكة في هذا المجتمع ، بل يجب عليه أن يبتعد عن حسن الظن ما أمكنه ذلك ، أو بتعبير آخر يجب عليه أن يتّخذ جلباب الاحتياط في تعامله مع هذه السلوكيات والحركات الصادرة من بعض الأفراد المشكوكين.
ومفهوم هذا الكلام لا يعني أنّه يجوز هتك حرمة الأفراد أو التعامل معهم بسلبية نتيجة سوء الظن ، بل المراد أنّ جميع الحركات والسلوكيات المشكوكة يجب أن توضع تحت النظر