عَنْ أَسرارِ غَيرِهِ أَظهَرَ اللهُ أَسرارَهُ» (١).
ونقرأ في حديث آخر قوله عليهالسلام : «مَنْ كَشَفَ حَجابَ أَخِيهِ إِنكَشَفَتْ عَورَاتُ بَيتِه» (٢) ، وهو قد يكون إشارة إلى هذا المعنى بالذات ، أو إشارة للأثر الوضعي ونتائج هذا العمل في الدنيا.
ونقرأ كذلك في حديث آخر عن هذا الإمام عليهالسلام قوله : «مَنْ تَطَّلَعَ عَلى أَسرارِ جارِهِ إِنتُهِكَتْ أَستارُهُ» (٣).
أمّا الدوافع على هذه الرذيلة الأخلاقية وهي التجسّس والتفتيش في أسرار الناس وأحوالهم الخاصة فكثيرة ، ومن ذلك :
١ ـ سوء الظن بالآخرين الذي يقود الإنسان غالباً إلى التجسّس عن أحوالهم ، فلو أنّه استبدله بحسن الظن فإنّه لا يفكّر عند ذاك بالتفتيش عن عيوب الآخرين ، ولهذا السبب كما أشرنا سابقاً أنّ الآية ١٢ من سورة الحجرات تنهى عن التجسّس بعد النهي عن سوء الظن.
٢ ـ التلوّث بالذنوب والعيوب المختلفة والذي يعدّ عاملاً آخر يدفع صاحبه نحو التجسّس على الآخرين ، لأنّ الشخص الملّوث بالذنوب والغارق في العيوب يريد أن يرى جميع الناس مثله ، وبذلك سوف ينطلق من موقع جبران عيوبه وخلق أجواء كاذبة له من الهدوء النفسي وتسكين حالة التوتر التي تفرضها عليه عيوبه الكثيرة فيقول في نفسه بأنني إذا كنت ملّوثاً فسائر الناس كذلك.
ونقرأ في الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «شَرُّ النّاسِ الظّانّون وشَرُّ الظّانّين المُتَجَسِّسُونَ» (٤).
وأحد العوامل الاخرى للتجسّس هي حالات الحسد والحقد والعداوة والتكبّر والعجب في واقع الإنسان الناقص حيث تدفعه هذه العناصر الشريرة إلى التفتيش عن عيوب
__________________
١ ـ غرر الحكم.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ المصدر السابق.
٤ ـ مستدرك الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٤٧ ، الباب ١٤١ ، ح ١٥ الطبعة الجديدة.