أخباراً تتعلق بانتصار المسلمين لكي تضعف فيهم الرغبة في القتال والجهاد ، وأحياناً يبثّون الشائعات التي تتحدّث عن هزيمة المسلمين ليدّب اليأس في قلوبهم ، القرآن الكريم يحذّر المسلمين هنا عن تصديق هذه الشائعات لكي لا تؤثر خطط الأعداء ومؤامراتهم في نفوسهم فلا يصلوا إلى مقاصدهم من تضعيف معنويات المسلمين.
وبالطبع فإنّ القرآن الكريم في مورد زوجات النبي ولزوم حفظ السر تحدّث بالتفصيل في سورة التحريم التي تعرّضت إلى بعض أزواج النبي من موقع الذم والتوبيخ الشديد لأنّهن قصّرن في حفظ أسرار بيت النبي صلىاللهعليهوآله قالت : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ* إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)(١).
أمّا ما هو السر الذي أذاعته بعض زوجات النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله فهناك بحوث مفصّلة بين المفسّرين يطول إيرادها وذكرها في هذا المقام ويمكن للقاريء الكريم أن يرجع إلى التفسير الأمثل ذيل هذه الآية ٣ و ٤ من سورة التحريم.
المورد الآخر الذي تحدّث القرآن الكريم فيه عن حفظ السر (وطبعاً بالإشارة لا بالتصريح) هو في مورد قصّة أبو لبابة الذي إستشاره بنو قريضة (وهم قبيلة من اليهود الذين كانوا يكيدون للمسلمين ويتآمرون عليهم بشدّة) وهل أنّهم سيتسلمون لحكم النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله؟ فأشار إليهم أبو لبابة على رقبته بالذبح ، أي أنّكم لو استسلمتم للنبي فإنّه يأمر بقتلكم جميعاً ، ثمّ أنّه ندم على ذلك أشدّ الندم وأدرك أنّه ارتكب خيانة كبيرة للمسلمين ، فما كان منه إلّا أن ربط نفسه بأحد اسطوانات المسجد وتاب من فعلته هذه فتاب الله عليه ، ونزلت الآية ٧٢ من سورة التوبة تعلن قبول توبته حيث تقول الآية : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وكلمة (آخرون) إشارة إلى أنّ محتوى هذه الآية لا يتعلّق بشخص خاص أو فرد معيّن ،
__________________
١ ـ سورة التحريم ، الآية ٣ و ٤.