وأصحاب النفوس الضيقة ، أو يطمع الاراذل والأوباش في ماله وعرضه.
ولذا ورد في الأحاديث السابقة أنّ الإمام قال : «سِرُّكَ سُرُورُكَ إِنْ كَتَمتَهُ وإِنْ أَذَعَتَهُ كانَ ثُبُورَكَ» (١).
وعليه فلا بدّ للإنسان أن يحفظ أسراره مهما أمكن ولا يذيعها إلى الآخرين ، وبعبارة اخرى : أن يجعل صدره صندوق أسراره ، فلو اضطر في مورد معيّن أو إتفق له أن اطلع على سرّ من أسرار أخيه المؤمن فإنّه يجب عليه أن يسعى لحفظه ولا يرتكب الخيانة في حق أخيه المؤمن.
أمّا بالنسبة إلى إفشاء أسرار المذهب أمام المتعصّبين والحاقدين الذين لا يتحمّلون سماع الرأي الآخر ولا يرون أي فكر حقّاً غير فكرهم القاصر فكذلك ، وخاصة بالنسبة إلى فضائل الأئمّة المعصومين عليهمالسلام التي لا يطيق سماعها الأعداء المعاندين والحاسدين ، وهكذا الحال بالنسبة إلى حفظ الأسرار السياسية والعسكرية للبلد الإسلامي حيث يؤدّي إذاعتها إلى تعرّض مصالح الامّة ومصير النظام الإسلامي إلى الخطر أو يتسبب في إراقة الكثير من الدماء البريئة وتلف الثروات الطائلة أو هتك الشخصيّات المرموقة في المجتمع الإسلامي ، ولذلك فإنّ حفظ هذه الأسرار يعدّ من أهمّ الوظائف الدينية ، وفي المقابل فإنّ إفشاء هذه الأسرار يعدّ من أقبح الرذائل الأخلاقية ويترتّب عليه عقوبة شديدة ، ولهذا السبب قرأنا في الأحاديث السابقة أنّ الإمام الصادق عليهالسلام يقول : «ما قَتَلَنا مَنْ أَذاعَ حَدِيثَنا قَتلَ خَطاءٍ وَلَكِن قَتَلَنا قَتلَ عَمدٍ» (٢).
وقد أورد العلّامة المجلسي في بحار الانوار حديثاً جذّاباً حيث يقول ما خلاصته : «دخل على أمير المؤمنين عليهالسلام رجلان من أصحابه فوطىء أحدهما على حيّة فلدغته ووقع على الآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته وسقطا جميعاً فكأنّهما لما بهما يتضرّعان ويبكيان ، فقال لهما أمير المؤمنين عليهالسلام :
__________________
١ ـ غرر الحكم.
٢ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٠ ، ح ٤.