وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله : «مَنْ ابتَلى بِالقَضاءِ فلا يَقضِي وَهُوَ غَضبان».
٤ ـ والآخر من الآثار السلبية لحالة الغضب هو إشهارها لعيوب الإنسان الخفيّة ، لأنّ هذا الشخص في حالاته العادية يتحرّك من موقع السيطرة على قواة النفسية ، فلا تتجلّى عيوبه ونقاط ضعفه للآخرين ، بل تبقى مستورة ويحفظ بذلك سمعته وماء وجهه في أنظار الناس ، ولكن عند ما تستعر في نفسه نار الغضب ، فإنّها تزيل السواتر والأقنعة عن واقع الإنسان وتكسر قيود العقل وتظهر عيوب صاحبها الخفيّة وتؤدّي إلى سقوط شخصيته ومكانته بين الناس.
ولذلك ورد في درر الحكم عن أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «بئسَ القَرِينُ الغَضَبُ يُبدِي المَعايبَ وَيُدنِي الشَّرَّ وَيُباعِدُ الخَيرَ» (١).
٥ ـ إنّ الغضب بإمكانه أن يفتح طريق الشيطان للإنسان ويوقعه في شراكه ومصائده ، لأنّ الإيمان والعقل يعتبران مانعين مهمّين يصدّان هجمات الشيطان ، ولكنّهما في حالات الغضب سينكمشان ويدركهما الضعف وعدم الحيلة وبذلك ترتفع الموانع أمام الشيطان لينفذ بسهولة ويصل إلى قلب الإنسان ويحكم سيطرته على قواه ، ويفعّل عناصر الشر في نفسه وباطنه.
ونقرأ في الحديث المعروف : «أنّ نوح عليهالسلام لمّا دعى ربّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلى قَومِهِ أَتاهُ إِبلِيسُ لَعنَهُ اللهُ فَقالَ : يا نُوحُ إِنَّ لَكَ عِندِي يَداً ارِيدُ أَن اكافِيكَ عَلَيه ، فَقالَ لَهُ نُوحٌ عليهالسلام : إِنَّهُ لَيبغَض إِليَّ أَن يَكُونَ لَكَ عِندِي يد فَما هِي؟ قالَ : بلى دَعوتَ اللهَ عَلى قَومِكَ فَأَغرَقتَهُم فَلم يَبقَ أَحدٌ أَغويهِ فأَنا مُستَريحٌ حتّى يَنسقَ قرنٌ آخر وَاغويهِم ، فَقال نُوحٌ عليهالسلام : ما الّذِي تُريدُ أَن تُكافِينِي بهِ؟ قالَ : اذكُرنِي فِي ثَلاثِ مَواطِن فَإنّي أَقرَبُ ما أَكُونُ إِلى العَبدِ إذا كان في أحدهن : اذكُرنِي إِذا غَضِبتَ ، اذكُرنِي إِذا حَكَمتَ بَينَ اثنَينِ ، اذكُرنِي إِذا كُنتَ مَعَ امرأَةٍ خالياً لَيسَ مَعَكُما أَحَداً» (٢).
__________________
١ ـ جامع أحاديث الشيعة ، كتاب الجهاد ، ج ١٣ ، ص ٤٢٨.
٢ ـ بحار الانوار ، ج ١١ ، ص ٣١٨.