ولهذا السبب نلاحظ كثيراً من الأشخاص الذين يعيشون العزلة والانفراد ، أنّهم يدّعون إدعاءات كبيرة عن أنفسهم أكبر من حجمهم الحقيقي وأحياناً تكون إدعاءاتهم عجيبة تحكي بوضوح أن هذا الإنسان غارق في الوهم والخيال ولا يعيش الواقع ومتطلباته.
ولكن عند ما يعيش الإنسان الاختلاط مع الناس ويعاشر أفراد المجتمع فسوف يرى غالباً أشخاصاً أفضل منه وأعلم وأطهر ، وعلى الأقل يرى من هو مثله في الفضل والعلم ، ولهذا فسوف يبتعد عن عالم الخيال ويتجنب الإدعاءات الجوفاء والشخصية الطوباوية التي لا تلامس الواقع.
٣ ـ وأحد الآثار السلبية الاخرى للعزلة والانزواء سوء الظن بالناس حتى بأقرب المقربين منه ، والعجيب أنّ سوء الظن يورث بدوره العزلة عن الناس كذلك ، فكل منهما علّة ومعلول للآخر ويتسبب في تعميق سوء الظن في جميع الناس ويتصور أنّهم حقودين وحسودين وأنانيين ، ولكن عند ما يدخل إلى المجتمع ويعاشر الناس ويجد فيهم الأصدقاء الجيدين ، فسوف يدرك سريعاً أنّ جميع تلك التصوّرات السلبية عن الناس لا حقيقة لها على مستوى الواقع والعمل.
٤ ـ الغفلة عن عيوب الذات ، فالإنسان وبسبب حبّه لذاته لا يرى عيوبه عادة ، بل يرى عيوبه أحياناً امتيازات وحسنات وعناصر قوة في شخصيته ، الحقيقة أنّ الإنسان يجب أن يرى عيوبه في مرآة الآخرين ويجلس لينظر إلى حكمهم عليه ويستمع إلى انتقاداتهم وخاصة فيما لو كانوا من المجاهدين ، بل قد يرى الإنسان عيوبه ونقاط ضعفه في مرآة الحاقدين والمعاندين بصورة أفضل ، لأنّهم يتحرّكون جاهدين للعثور على نقاط الضعف في شخصية الطرف الآخر وتفاصيل عيوبه الجزئية ، وبهذا يحرم الشخص المنزوي من هذه المزايا التي تكشف عن وجهه الحقيقي.
٥ ـ الابتعاد عن تجارب الآخرين والحرمان من الاستفادة من أفكارهم وعقولهم من شأنه تحديد فكر الإنسان وعقله واقتصار حركة الفكر على امور جزئية وضيقة ، ولكن إذا