ومنها نعرف طريقة العلاج ، ولذلك قالوا : إنّ أول طريق للشكر هو المعرفة والتفكير بالمواهب والصنائع الإلهية وأنواع نعمه الظاهرة والباطنة (١).
الطريقة الاخرى : هي النظر في دائرة النعم والمواهب المادية إلى المستويات الدنيا للناس ، فكلما فكّر الإنسان فيها فستبعث فيه روح الشكر ، ولكن إذا نظر إلى من هو أعلى منه من حيث الثروة والنعمة فسوف تستولي عليه الوساوس الشيطانية وتؤذيه.
ومن جهة ثالثة إذا ابتلي بمصائب الدنيا ، فليعلم أنّه يوجد مصائب أكبر من التي اصابته وليشكر الله أنّه لم يتورط بالأكبر والأشد منها.
وقد نقل عن شخص أنّه اشتكى عند أحد العظماء أنّ السارق قد أتى وسرق كل شيء ، فقال له : اذهب واشكر الله تعالى إذ لم يأت الشيطان الى بيتك بدلاً من السارق ، فلو أخذ منك إيمانك فما كنت تفعل؟ (٢)
وقد ذكر الإمام الصادق عليهالسلام في كتاب «التوحيد» المعروف بتوحيد المفضل حقائق توحيدية هامة من موقع تحليل ماهية النعم الإلهية في تفاصيلها الدقيقة ومن خلالها ينفتح الإنسان على المنعم الحقيقي.
ومن جملتها نعمة الكلام والكتابة وقد اعتبرها الإمام الصادق عليهالسلام عمود الحضارة الإنسانية : وبعد شرح طويل لها قال :
«فَإنّه لَو لَم يَكُن لَهُ لِسان مُهيأ للكَلامِ وَذِهن يَهتَدِي بِهِ للُامورِ لَم يَكُن لِيتَكَلَّمَ أَبَداً ، وَلَو لَم يَكُن لَهُ مُهيأةً وَأَصابِعَ للِكِتابَةِ لِيَكتُبَ أَبداً ، واعتَبر ذَلِكَ مِنَ البَهائِمِ الّتي لا كَلامَ لَها ولا كِتابَةَ ، فَأصلِ ذَلِكَ فَطرَةِ الباري عَزَّ وجَلَّ وما تَفضل بِهِ عَلَى خَلقِهِ ، فَمن شَكَرَ اثِيبَ ، وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌ عَنِ العالَمِينَ» (٣).
__________________
١ ـ معراج السعادة ، ص ٨١٠.
٢ ـ المحجة البيضاء ، ج ٧ ، ص ٢٧٧.
٣ ـ بحار الانوار ، ج ٣ ، ص ٨٢.